لكنها تستلزم إثبات ضدها من الكمال، كما ذكر ابن القيم -رحمه الله- في الكافية الشافية: الصفات تنقسم إلى قسمين: ثبوتية وسلبية، ثبوتية: مثل السمع والحياة والبصر، سلبية النفي لكنها تستلزم إثبات ضدها من الكمال ليس نفيا صرفا؛ لأن النفي الصرف المحض لا كمال فيه مثل نفي الظلم، نفى الله عن نفسه الظلم إثبات كمال العدل {وَلَا يَظْلِمُ رَبُّكَ أَحَدًا (49) } (?) ؛ لكمال عدله، نفى أن يعزب عنه مثقال ذرة في السماوات ولا في الأرض؛ لكمال علمه: {وَمَا يَعْزُبُ عَنْ رَبِّكَ مِنْ مِثْقَالِ ذَرَّةٍ فِي الْأَرْضِ وَلَا فِي السَّمَاءِ} (?) ؛ لكمال علمه.

نفى الموت {لَا تَأْخُذُهُ سِنَةٌ وَلَا نَوْمٌ} (?) السنة والنوم؛ لكمال حياته وقيوميته {وَلَا يَئُودُهُ حِفْظُهُمَا} (?) ؛ لكمال قوته وقدرته، وهكذا فالنفي ليس نفيا صرفا وإنما هو نفي يستلزم إثبات ضده من الكمال.

والسلبية هي التي نفاها الله عن نفسه كالظلم فيجب نفيها عن الله؛ لأن الله نفاها عن نفسه لكن يجب اعتقاد ضدها لله على الوجه الأكمل، لأن النفي لا يكون كمالا حتى يضمن ثبوتا، مثال ذلك قول الله تعالى: {وَلَا يَظْلِمُ رَبُّكَ أَحَدًا (49) } (?) فيجب نفي الظلم عن الله مع اعتقاد ثبوت العدل على الوجه الأكمل.

ومثال النفي الصرف الذي لا كمال فيه مثل قول الشاعر يذم قبيلة:

قُبَيِّلة لا يغدرون بذمة

ولا يظلمون الناس حبة خردل

نفى عنهم الغدر، ونفى عنهم الظلم، لكن كمال عجزهم لا يغدرن لعجزهم، وهذا نفي صرف. متى يكون كمالا إذا كان لا يغدر وهو قادر؟، أما إذا كان عاجزا ما صار كمالا؛ ولهذا صغرهم فقال:

قُبَيِّلة لا يغدرون بذمة

ولا يظلمون الناس حبة خردل

طور بواسطة نورين ميديا © 2015