82 – قال الحافظ ابن حجر رحمه الله: (11/ 404): "ومعنى قوله: (لا يرضى) أي لا يشكره لهم، ولا يثيبهم عليه، فعلى هذا فهي صفة فعل، وقيل: معنى الرضا أنه لا يرضاه دينا مشروعا لهم، وقيل: الرضا صفة وراء الإرادة، وقيل: الإرادة تطلق بإزاء شيئين: إرادة تقدير، وإرادة رضا، والثانية أخص من الأولى، والله أعلم، وقيل: الرضا من الله إرادة الخير، كما أن السخط إرادة الشر ... ". على حديث رقم 6538
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــ التعليق ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
قال الشيخ البراك: الصواب أن الرضا ضده السخط كما قال تعالى: "ذلك بأنهم اتبعوا ما أسخط الله وكرهوا رضوانه فأحبط أعمالهم" [محمد 28] والرضا يتضمن المحبة، والسخط يتضمن البغض؛ فمعنى قوله: "ولا يرضى لعباده الكفر" [الزمر 7] أنه لا يرضاه ولا يحبه بل يسخطه ويبغضه، وتفسير نفي الرضا بعدم الشكر غير لائق؛ فإن ذلك لا يدل على قبح الكفر ولا يقتضي عقابًا بخلاف نفي المحبة والرضا، والله سبحانه قد وصف نفسه بالمحبة والرضا، وأنه يمقت الكافرين ويسخط عليهم، وأهل السنة والجماعة يثبتون هذه الصفات لله تعالى على الحقيقة اللائقة به سبحانه، وتأويلها بالإرادة أو ببعض المخلوقات هو طريقة أهل التأويل من الأشاعرة وغيرهم؛ لأن مذهبهم نفي هذه الصفات عن الله تعالى.
وقول من قال: "الرضا صفة وراء الإرادة": يعني أنها غيرها، وهو قول صحيح.
وقول من قال: "الإرادة تطلق بإزاء شيئين: إرادة تقدير، وإرادة رضا" هو معنى قول أهل السنة: الإرادة من الله نوعان: إرادة كونية؛ وهي المتعلقة بجميع الكائنات، وهي بمعنى المشيئة؛ كقوله تعالى: "فعال لما يريد" [البروج 16]، وإرادة شرعية؛ وهي المتعلقة بما يحبه ويرضاه؛ كقوله تعالى: "يريد الله بكم اليسر ولا يريد بكم العسر" [البقرة 185].