2 - قال الحافظ ابن حجر رحمه الله في المقدمة ص 208:
قوله: «أطولهن يدًا» أي: أسمحهن، ووقع ذكر اليد في القرآن والحديث مضافًا إلى الله تعالى، واتفق أهل السنة والجماعة على أنه ليس المراد باليد الجارحة التي هي من صفات المحدثات، وأثبتوا ما جاء من ذلك وآمنوا به؛ فمنهم من وقف ولم يتأول، ومنهم من حمل كل لفظ منها على المعنى الذي ظهر له، وهكذا عملوا في جميع ما جاء من أمثال ذلك.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــ التعليق ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
لفظ الجارحة لم يرد إطلاقه في الكتاب والسنة ولا في كلام السلف على صفة الرب سبحانه؛ لا نفيًا ولا إثباتًا، وهو لفظ مجمل، فيجب التفصيل فيه نفيًا وإثباتًا؛ فإن أريد بالجارحة اليد التي تماثل أيدي المخلوقين؛ فيد الله سبحانه ليست مثل يدِ أحد من الخلق.
وإن أريد بالجارحة اليد التي يكون بها الفعل، والأخذ، والعطاء، ومن شأنها القبض والبسط؛ فيد الله كذلك؛ فقد خلق آدم بيديه، ويأخذ أرضه وسماءه يوم القيامة بيديه، ويقبض يديه ويبسطهما؛ كما جاء في الكتاب والسنة؛ فالنافي للمعنى الأول؛ محق، والنافي للمعنى الثاني؛ مبطل.
ولا ريب أن أهل السنة متفقون على نفي مماثلة الله لخلقه في شيء من صفاته ـ لا اليد ولا غيرها ـ؛ بل يثبتونها لله سبحانه على الوجه اللائق به مع نفي التمثيل، ونفي العلم بالكيفية.
وقول الحافظ ابن حجر رحمه الله تعالى: «واتفق أهل السنة والجماعة» يدخل فيهم الأشاعرة ونحوهم من طوائف الإثبات كما يقتضيه آخر كلامه، ومذهبهم في صفة اليدين لله: نفي حقيقتهما، ثُم لهم في النصوص الواردة بذكر اليدين أحد منهجين:
إما التفويض، أي: تفويض المعنى.
وإما التأويل: بصرف لفظ اليد عن المعنى المتبادر ـ وهو الراجح ـ إلى معنى مرجوح؛ كالقدرة والنعمة.
وهو صرف للكلام عن ظاهره بغير حجة صحيحة يسمونه تأويلاً، وهو في الحقيقة تحريف.