169 - قال الحافظ ابن حجر رحمه الله (13/ 517): "المراد منه كما قال البيهقي فيه دليل على أن أهل الكتاب إن صدقوا فيما فسروا من كتابهم بالعربية كان ذلك مما أنزل إليهم على طريق التعبير عما أنزل، وكلام الله واحد لا يختلف باختلاف اللغات؛ فبأي لسان قرئ فهو كلام الله".
وذلك في كلامه على حديث رقم 7542، كتاب التوحيد، باب 51.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــ التعليق ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
قال الشيخ البراك: قول البيهقي: "فيه دليل على أن أهل الكتاب إن صدقوا فيما فسروا من كتابهم .... إلخ": فيه خطأ من وجوه:
الأول: قوله: "إن صدقوا فيما فسروا ... " يقتضي أن تفسيرهم لما أنزل عليهم بالعربية يقال له كلام الله، وهذا باطل؛ فإن ما فسروا به كتابهم ليس كلامًا لله بل هو من كلامهم بينوا به المراد من كلام الله تعالى، وهذا يقتضي أن أي تفسير صحيح للقرآن وأي ترجمة له يصح أن يقال إنها كلام الله تعالى، وهذا ظاهر الفساد.
الثاني: قوله: "وكلام الله واحد لا يختلف باختلاف اللغات": يجري على مذهب الأشاعرة في كلام الله سبحانه؛ وهو أنه معنى نفسي واحد لا يتعدد وليس بحرف ولا صوت، وما أنزل من الحروف والكلمات في التوراة والإنجيل والقرآن عبارة عن ذلك المعنى النفسي، فليس هو كلام الله حقيقة. ومذهب أهل السنة والجماعة أن القرآن كلام الله عز وجل حروفه ومعانيه، ليس كلام الله الحروف دون المعاني، ولا المعاني دون الحروف.
الثالث: قوله: "فبأي لسان قرئ فهو كلام الله": صريح بأن ألفاظ القرآن الدالة على معانيه ليست كلامًا لله تعالى على الحقيقة؛ فلو قرئ القرآن بالإنجليزية أو الأوردية أو غيرهما من اللغات لكان المقروء كلام الله. وهذا ينافي ما وصف الله به كتابه من أنه بلسان عربي مبين كما قال تعالى: "فإنما يسرناه بلسانك"، وقال عز وجل: "نزل به الروح الأمين ... بلسان عربي مبين". وأصل هذا الخطأ هو القول بأن كلام الله معنى نفسي، وأن القرآن المتلو والمكتوب المحفوظ عبارة عن الكلام النفسي، ولو أنه قال: " فبأي لسان نزل" لكان ذلك أهون؛ فإنه على هذا لا يسمى كلام الله إلا إذا كان باللسان الذي نزل به الكتاب، والله الهادي إلى الصواب.