الْإِيمَانِ الَّذِي يَخْرُجُ بِهِ مِنْ مِلَلِ الْكُفْرِ وَيَلْزَمُ مَنْ أَتَى بِهِ اسْمُ الْإِيمَانِ، وَحُكْمُهُ مِنْ غَيْرِ اسْتِكْمَالٍ مِنْهُ لِلْإِيمَانِ كُلِّهِ، وَهُوَ التَّصْدِيقُ الَّذِي عَنْهُ يَكُونُ سَائِرُ الْأَعْمَالِ، فَقَالُوا: قَالَ اللَّهُ: {إِنَّ الدِّينَ عِنْدَ اللَّهِ الْإِسْلَامُ} [آل عمران: 19] وَقَالَ: {وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الْإِسْلَامِ دِينًا فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ} [آل عمران: 85] وَقَالَ: {وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا} [المائدة: 3] قَالُوا: فَالْإِسْلَامُ الَّذِي رَضِيَهُ اللَّهُ هُوَ الْإِيمَانُ، وَالْإِيمَانُ هُوَ الْإِسْلَامُ بِقَوْلِهِ: {وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الْإِسْلَامِ دِينًا فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ} [آل عمران: 85] فَلَوْ كَانَ الْإِيمَانُ غَيْرَ الْإِسْلَامِ لَكَانَ مَنْ دَانَ اللَّهُ بِالْإِيمَانِ غَيْرَ مَقْبُولٍ مِنْهُ. قَالُوا: وَالْإِيمَانُ فِي اللُّغَةِ هُوَ التَّصْدِيقُ، وَالْإِسْلَامُ فِي اللُّغَةِ هُوَ الْخُضُوعُ، فَأَصْلُ الْإِيمَانِ هُوَ التَّصْدِيقُ بِاللَّهِ، وَمَا جَاءَ مِنْ عِنْدِهِ وَإِيَّاهُ أَرَادَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِقَوْلِهِ: «الْإِيمَانُ أَنْ تُؤْمِنَ بِاللَّهِ» وَعَنْهُ يَكُونُ الْخُضُوعُ لِلَّهِ لِأَنَّهُ إِذَا صَدَّقَ بِاللَّهِ خَضَعَ لَهُ، وَإِذَا خَضَعَ أَطَاعَ فَالْخُضُوعُ عَنِ التَّصْدِيقِ، وَهُوَ أَصْلُ الْإِسْلَامِ وَمَعْنَى التَّصْدِيقِ هُوَ الْمَعْرِفَةُ بِاللَّهِ، وَالِاعْتِرَافُ لَهُ بِالرُّبُوبِيَّةِ بِوَعْدِهِ وَوَعِيدِهِ، وَوَاجِبِ حَقِّهِ، وَتَحْقِيقِ مَا صَدَّقَ بِهِ مِنَ الْقَوْلِ وَالْعَمَلِ، وَالتَّحْقِيقُ فِي اللُّغَةِ تَصْدِيقُ الْأَصْلِ فَمِنَ التَّصْدِيقِ بِاللَّهِ يَكُونُ الْخُضُوعُ لِلَّهِ وَعَنِ الْخُضُوعِ تَكُونُ الطَّاعَاتُ، فَأَوَّلُ مَا يَكُونُ عَنْ خُضُوعِ الْقَلْبِ