711 - حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ زُرَارَةَ، أنا إِسْمَاعِيلُ، عَنْ دَاوُدَ بْنِ أَبِي هِنْدَ، عَنِ الشَّعْبِيِّ، قَالَ: " كَانَ رَجُلٌ مِنَ الْأَنْصَارِ مِمَّنْ يَزْعُمُ أَنَّهُ مُسْلِمٌ بَيْنَهُ وَبَيْنَ رَجُلٍ مِنَ الْيَهُودِ خُصُومَةٌ، فَجَعَلَ الَّذِي مِنَ الْأَنْصَارِ يَدْعُو الْيَهُودِيَّ إِلَى أَنْ يُحَاكِمَهُ إِلَى أَهْلِ دِينِهِ، لِأَنَّهُ قَدْ عَلِمَ أَنَّهُمْ يَأْخُذُونَ الرِّشْوَةَ فِي الْحُكْمِ وَكَانَ الْيَهُودِيُّ يَدْعُوهُ إِلَى أَنْ يُحَاكَمَ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَوْ قَالَ: إِلَى الْمُسْلِمِينَ لِأَنَّهُ قَدْ عَلِمَ أَنَّهُمْ لَا يَأْخُذُونَ الرِّشْوَةَ فِي الْحُكْمِ فَاتَّفَقَا عَلَى أَنْ يَتَحَاكَمَا إِلَى كَاهِنٍ مِنْ جُهَيْنَةَ فَنَزَلَتْ: {أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ يَزْعُمُونَ أَنَّهُمْ آمَنُوا بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ وَمَا أُنْزِلَ مِنْ قَبْلِكَ يُرِيدُونَ أَنْ يَتَحَاكَمُوا إِلَى الطَّاغُوتِ} [النساء: 60] أَيْ إِلَى الْكَاهِنِ {وَقَدْ أُمِرُوا أَنْ يَكْفُرُوا بِهِ} [النساء: 60] قَالَ: أَمْرُ هَذَا فِي كِتَابِهِ، وَأَمْرُ هَذَا فِي كِتَابِهِ، {وَيُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَنْ يُضِلَّهُمْ ضَلَالًا بَعِيدًا} [النساء: 60] حَتَّى بَلَغَ: {فَلَا وَرَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ} [النساء: 65] الْآيَةَ ". قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ: قَالُوا: فَهَذَا الَّذِي ظَنَّ أَنَّهُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَالَ إِلَى الزُّبَيْرِ لِقَرَابَتِهِ مِنْهُ فَخَرَجَ بِذَلِكَ مِنْ إِيمَانِهِ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى فِيهِ الْقُرْآنَ، فَكَيْفَ يَكُونُ بِهِ مُؤْمِنًا مَنْ يَرُدُّ عَلَيْهِ -[659]- السُّنَّةَ الثَّابِتَةَ الْمَعْرُوفَةَ بِرَأْيهِ أَوْ بِرَأْيِ أَحَدٍ مِنَ النَّاسِ بَعْدَهُ تَعَمُّدًا لِذَلِكَ أَوْ شَكًّا فِيهَا، أَوْ إِنْكَارًا لَهَا حِينَ لَمْ تُوَافِقْ هَوَاهُ، ثُمَّ يَزْعُمُ أَنَّهُ مُؤْمِنٌ عِنْدَ اللَّهِ، مُسْتَكْمِلُ الْإِيمَانِ مِنْ ثَابِتَةِ الْأَخْبَارِ الَّتِي رَوَتْهَا عُلَمَاءُ الْأُمَّةِ بِالْأَسَانِيدِ الثَّابِتَةِ عَنْ رَسُولِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ جَعَلَ الْعَمَلَ مِنَ الْإِيمَانِ فَيَقُولُ: هُوَ لَيْسَ كَذَلِكَ جُحُودًا بِذَلِكَ أَوْ شَكًّا فِيهِ أَوْ كَيْفَ يَكُونُ بِهِ مُؤْمِنًا مَنْ يَأْتِيَهُ الْخَبَرُ الثَّابِتُ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ أَمَرَ بِكَذَا أَوْ نَهَى عَنْ كَذَا، فَيَقُولُ: قَالَ أَبُو فُلَانٍ كَذَا خِلَافًا عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَرَدًّا لِسُنَّتِهِ أَمْ كَيْفَ يَكُونُ بِهِ مُؤْمِنًا مِنْ تُعْرَضُ سُنَّتُهُ عَلَى رَأْيِهِ فَمَا وَافَقَ مِنْهَا قَبِلَ، وَمَا لَمْ يُوَافِقُهُ مِنْهَا احْتَالَ لِرَدِّهَا أَلَا يَنْظُرُ الشَّقِيُّ عَلَى مَنِ اجْتَرَأَ وَبَيْنَ يَدَيْ مَنْ تَقَدَّمَ؟ . قَالَ اللَّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تُقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيِ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ سُمَيْعٌ عَلِيمٌ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَرْفَعُوا أَصْوَاتَكُمْ فَوْقَ صَوْتِ النَّبِيِّ وَلَا تَجْهَرُوا لَهُ بِالْقَوْلِ كَجَهْرِ بَعْضِكُمْ لِبَعْضٍ أَنْ تَحْبَطَ أَعْمَالُكُمْ وَأَنْتُمْ لَا تَشْعُرُونَ} [الحجرات: 2]
-[660]- . وَقَالَ اللَّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى: {لَا تَجْعَلُوا دُعَاءَ الرَّسُولِ بَيْنَكُمْ كَدُعَاءِ بَعْضِكُمْ بَعْضًا} [النور: 63] . فَنَهَى اللَّهُ الْمُؤْمِنِينَ أَنْ يَتَقَدَّمُوا بَيْنَ يَدَيْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَنَهَاهُمْ أَنْ يَرْفَعُوا أَصْوَاتَهُمْ فَوْقَ صَوْتِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَوْ يَجْهَرُوا لَهُ بِالْقَوْلِ كَجَهْرِ بَعْضِهِمْ لِبَعْضٍ إِعْظَامًا لَهُ وَإِجْلَالًا وَأَعْلَمَ أَنَّ ذَلِكَ يُحْبِطُ أَعْمَالَهُمْ، فَكَيْفَ بِمَنْ جَعَلَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَغَيْرَهُ فِي دِينِ اللَّهِ وَأَحْكَامِهِ مِلَّتَيْنِ، ثُمَّ يُؤَخِّرُ حَدِيثَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَيُقَدِّمُهُ إِذَا حُدِّثَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِمَا لَا يُوَافِقُهُ، قَالَ: هَذَا مَنْسُوخٌ فَإِذَا حُدِّثَ عَنْهُ بِمَا لَا يَعْرِفُهُ قَالَ: هَذَا شَاذُّ. فَمِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْمَنْسُوخُ وَمِنْهُ النَّاسِخُ، ثُمَّ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الشَّاذُّ وَمِنْهُ الْمَعْرُوفُ وَمِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْمَتْرُوكُ وَمِنْهُ الْمَأْخُوذُ