1081 - حَدَّثَنَا أَبُو الْحَسَنِ، قَالَ: قَرَأْتُ عَلَى أَبِي عَبْدِ اللَّهِ، وَقُلْتُ لَهُ: حَدَّثَكُمْ مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ، وَمُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى، قَالَا: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْأَنْصَارِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا صُرَدُ بْنُ أَبِي الْمَنَازِلِ، قَالَ: سَمِعْتُ حَبِيبَ بْنَ أَبِي فَضَالَةَ الْمَالِكِيَّ، قَالَ: لَمَّا بُنِيَ هَذَا الْمَسْجِدُ مَسْجِدُ الْجَامِعِ قَالَ: وَعِمْرَانُ بْنُ حُصَيْنٍ جَالِسٌ فَذَكَرُوا عِنْدَهُ الشَّفَاعَةَ فَقَالَ رَجُلٌ مِنَ الْقَوْمِ: يََا أَبَا نُجَيْدِ إِنَّكُمْ لَتُحَدِّثُونَا بِأَحَادِيثَ مَا نَجِدُ لَهَا أَصْلًا فِي الْقُرْآنِ فَغَضِبَ عِمْرَانُ وَقَالَ لِلرَّجُلِ: قَرَأْتَ الْقُرْآنَ؟ قَالَ: نَعَمْ، قَالَ: فَهَلْ وَجَدْتَ فِيهِ صَلَاةَ الْمَغْرِبِ ثَلَاثًا وَصَلَاةَ الْعِشَاءِ أَرْبَعًا وَالْغَدَاةَ رَكْعَتَيْنِ وَالْأُولَى أَرْبَعٌ وَالْعَصْرَ أَرْبَعًا قَالَ: لَا، قَالَ: فَمِمَّنْ أَخَدْتُمْ هَذَا الشَّأْنَ؟ أَلَسْتُمْ عَنَّا أَخَذْتُمُوهُ وَأَخَذْنَاهُ عَنْ نَبِيِّ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -[1008]-، أَوَجَدْتُمْ فِي ذَلِكَ في أَرْبَعِينَ دِينَارًا دِينَارٌ، وَفِي كُلِّ كَذَا وَكَذَا شَاةٍ، وَكُلُّ كَذَا وَكَذَا بَعِيرٍ كَذَا أَوَجَدْتُمْ هَذَا فِي الْقُرْآنِ؟ قَالَ: لَا، قَالَ: فَعَنْ مَنْ أَخَذْتُمْ هَذَا الشَّأْنَ؟ أَخَذْنَاهُ عَنْ نَبِيِّ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَخَذْتُمُوهُ عَنَّا هَلْ وَجَدْتُمْ فِي الْقُرْآنِ: {وَلْيَطَّوَّفُوا بِالْبَيْتِ الْعَتِيقِ} [الحج: 29] وَجَدْتُمْ: طُوفُوا سَبْعًا وَارْكَعُوا رَكْعَتَيْنِ خَلْفَ الْمَقَامِ أَوَجَدْتُمْ هَذَا فِي الْقُرْآنِ؟ عَنْ مَنْ أَخَذْتُمُوهُ أَلَسْتُمْ أَخَذْتُمُوهُ عَنَّا وَأَخَذْنَاهُ عَنْ نَبِيِّ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؟ قَالَ: بَلَى، فَقَالَ: وَجَدْتُمْ فِي الْقُرْآنِ: لَا جَلْبَ، وَلَا جُنُبَ، وَلَا شِغَارَ فِي الْإِسْلَامِ؟ قَالَ: لَا، قَالَ عِمْرَانُ: فَإِنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: «لَا جَلْبَ، وَلَا جُنُبَ، وَلَا شِغَارَ فِي الْإِسْلَامِ» أَسَمِعْتُمُ اللَّهَ تَعَالَى يَقُولُ لِأَقْوَامٍ فِي كِتَابِهِ: {مَا سَلَكَكُمْ فِي سَقَرَ قَالُوا لَمْ نَكُ مِنَ الْمُصَلِّينَ وَلَمْ نَكُ نُطْعِمُ الْمِسْكِينَ} [المدثر: 43] حَتَّى بَلَغَ: {فَمَا تَنْفَعُهُمْ شَفَاعَةُ الشَّافِعِينَ} [المدثر: 48] قَالَ حَبِيبٌ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: فَأَنَا سَمِعْتُ عِمْرَانَ بْنَ حُصَيْنٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ يَقُولُ: " الشَّفَاعَةُ نَافِعَةٌ دُونَ مَا يَسْمَعُونَ -[1009]- قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ: أَفَلَا تَرَى أَنَّ تَارِكَ الصَّلَاةِ لَيْسَ مِنْ أَهْلِ مِلَّةِ الْإِسْلَامِ الَّذِينَ يُرْجَى لَهُمُ الْخُرُوجُ مِنَ النَّارِ وَدُخُولُ الْجَنَّةِ بِشَفَاعَةِ الشَّافِعِينَ كَمَا قَالَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي حَدِيثِ الشَّفَاعَةِ الَّذِي رَوَاهُ أَبُو هُرَيْرَةَ وَأَبُو سَعِيدٍ جَمِيعًا رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا أَنَّهُمْ يَخْرُجُونَ مِنَ النَّارِ يُعْرَفُونَ بِآثَارِ السُّجُودِ فَقَدْ بَيَّنَ لَكَ أَنَّ الْمُسْتَحِقِّينَ لِلْخُرُوجِ مِنَ النَّارِ بِالشَّفَاعَةِ هُمُ الْمُصَلُّونَ -[1010]-. أَوَ لَا تَرَى أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى مَيَّزَ بَيْنَ أَهْلِ الْإِيمَانِ وَأَهْلِ النِّفَاقِ بِالسُّجُودِ فَقَالَ تَعَالَى: {يَوْمَ يُكْشَفُ عَنْ سَاقٍ وَيُدْعَوْنَ إِلَى السُّجُودِ فَلَا يَسْتَطِيعُونَ} [القلم: 42] وَقَدْ ذَكَرْنَا الْأَخْبَارَ الْمَرْوِيَّةَ فِي تَفْسِيرِ الْآيَةِ فِي صَدْرِ كِتَابِنَا، فَقَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {وَإِذَا قِيلَ لَهُمُ ارْكَعُوا لَا يَرْكَعُونَ} [المرسلات: 48] ، {وَإِذَا قُرِئَ عَلَيْهِمُ الْقُرْآنُ لَا يَسْجُدُونَ} [الانشقاق: 21] . أَفَلَا تَرَاهُ جَعَلَ عَلَامَةَ مَا بَيْنَ مِلَّةِ الْكُفْرِ وَالْإِسْلَامِ وَبَيْنَ أَهْلِ النِّفَاقِ وَالْإِيمَانِ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ الصَّلَاةَ. قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ: وَمَعَ هَذَا كُلِّهِ فَقَدْ وَجَدْنَا عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَخْبَارًا مُفَسَّرَةً تُبَيِّنُ أَنَّ تَارِكَ الزَّكَاةِ وَالصِّيَامِ لَيْسَ كَافِرًا يَسْتَوْجِبُ الْخُلُودَ فِي النَّارِ