فالإسلام دين العلم والحضارة، وحين تمسك المسلمون بدينهم كانوا أكثر الأمم عطاء في ركب الحضارة وأعظمها علماً وإبداعاً، لكنهم حين بعدوا عن دينهم واستبدلوه أو خلطوه بالغث الوافد عليهم من هنا وهناك تردوا عن السبق والحظوة التي منحها الله لهم بالعلم والمعرفة.

إن القرآن منذ نزلت أول آياته {اقرأ باسم ربك الذي خلق} (العلق: 1) ما فتئ يدعو المسلمين إلى التعلم، ويثني على العلماء ويمتدح صنيع العقلاء {يرفع الله الذين آمنوا منكم والذين أوتوا العلم درجاتٍ} (المجادلة: 11)، {قل هل يستوي الذين يعلمون والذين لا يعلمون إنما يتذكر أولوا الألباب} (الزمر: 9).

لقد كرم الإسلام العلم، وأعطى لأهله من الفضل والمنزلة بوناً شاسعاً على سائر الناس، بما فيهم العُبّاد الذين نذروا أنفسهم لعبادة الله تعالى، يقول - صلى الله عليه وسلم -: ((فضل العالم على العابد كفضلي على أدناكم، إن الله وملائكته وأهل السموات والأرضين حتى النملة في جحرها وحتى الحوت؛ ليصلون على معلم الناس الخير)). (?)

وحين تمسك المسلمون بدينهم والتزموا شرائعه سبقوا أمم الدنيا، وحملوا مشعل العلم والحضارة، وأبدعوا حضارة فريدة، يكفينا عن العرض المسهب لإنجازاتها أن ننقل بعض اعتراف العلماء المنصفين بسبقنا وإبداعنا، فقد سجلت كلماتهم بالإعجاب بعضاً من مآثر حضارتنا، وكانوا شهود عدل على مآثرنا.

ومن ذلك قول الدكتور ستانلي لين بول في كتابه "تاريخ العالم": "لم يحدث في تاريخ المدنية حركة أكثر روعة من ذلك الشغف الفجائي بالثقافة الذي حدث في جميع أنحاء العالم الإسلامي، فكان كل مسلم، من الخليفة إلى الصانع، يبدو كأنما قد اعتراه فجأة شوق إلى العلم وظمأ إلى السفر، وكان ذلك خير ما قدّمه الإسلام من جميع الجهات". (?)

طور بواسطة نورين ميديا © 2015