استشعر الحاكمُ رقابةَ الله عليه، فإنْ لم يستشعرْها جاءه من يُذكِّره بالحق ويأمره بالمعروف وينهاه عن المنكر من أناسٍ بذلوا أنفسهم لله رخيصة، فقد قال - صلى الله عليه وسلم -: ... «أفضل الجهاد كلمة حق عند سلطان جائر» (?).
وأما الرأي الخامس: القائل إنَّ الخلافة هي خلافة عن الخليفة السَّابق، فهو يعني أنَّ كل خليفة يَخْلُفُ مَنْ قَبْلَهُ، واحداً بعد واحد، حتى ينتهي إلى أبي بكر - رضي الله عنه - فيقال فيه خليفة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وعلى هذا خوطب أمير المؤمنين عمر بن الخطاب في أول أمره بخليفة خليفة رسول الله (?).
وأما الرأي السادس: فهو في الخلافة العامة لكل البشر، ولا علاقة له بالخلافة كموضوع سياسي، ولكن سأذكره استكمالاً للبحث، وهو يقول إن الخلافة تعني تعاقب الأمم من حيث الزمن لا أكثر، قال - عز وجل -: {فَخَلَفَ مِنْ بَعْدِهِمْ خَلْفٌ أَضَاعُوا الصَّلَاةَ وَاتَّبَعُوا الشَّهَوَاتِ فَسَوْفَ يَلْقَوْنَ غَيًّا} مريم/59، ولا يعني أن الخَلَفَ يُنفِّذُ رأي السلف إذ الواقع يكذب هذا، فكم خالف الخَلَفُ سيرةَ السلف، وفائدة هذه الخلافة هي التعاقب على الانتفاع بخيرات الأرض وشكر الله بالتوحيد والطاعة، وهو رأي الحسن البصري (?)، أو هو خلافة كل البشر - آدم وبنيه- لمن سبقهم في سكنى الأرض من الملائكة والجن، وهو رأيُ ابن عبَّاس والحسن البصريّ وأبي العاليَّة ومقاتل (?).