2 - واستدل من قال بالوجوب العقلي على الناس: أن أصل دفع المضرة واجب بحكم العقل قطعاً فكذلك المضرة المظنونة يجب دفعها عقلاً، وذلك لأن الجزئيات المظنونة المندرجة تحت أصل قطعي الحكم يجب اندراجها في ذلك الحكم قطعاً، مثل أن يعرف الإنسان أن كل مسموم يجب اجتنابه ثم يظن أن هذا الطعام مسموم، فإن العقل الصريح يقضي بوجوب اجتنابه.
3 - ومما استدل به من قال بالوجوب العقلي على الله:
- بدليل عقلي: أن الإمام لطف، لكون العبد معه أقرب إلى الطاعة وأبعد عن المعصية واللُّطف واجب على الله (?).
- وبدليل نقلي: بما روي عن الصادق عن آبائه مرفوعاً عن النبي - صلى الله عليه وسلم - عن جبريل عن ربه: «يا محمد لم أترك الأرض إلا وفيها عالم يعرف طاعتي وهداي، ويكون نجاة فيما بين قبض النبي إلى خروج النبي الآخر، ولم أكن أترك إبليس يضل الناس وليس في الأرض حجة وداعٍ إلي وهادٍ إلى سبيلي» (?).
ويُردُّ عليهم في الدليل العقلي أن الإمامة عندكم استمدت قوتَها والاستدلال على وجوبها عقلاً على الله من جهتين: الأولى: أن النبوة لطف واجب على الله عقلاً. والثانية: أن الإمامة كالنبوة، فكما وجبت النبوة على الله عقلاً، تجب الإمامة مثلها، وهي مقدِّمات غيرُ مسلَّمةٍ أوصلت لنتيجةٍ خطأ، فلا اللُّطف واجب على الله عقلاً، ولا الإمامة كالنبوة من كل جهة، فالنبوة أعمُّ من الإمامة، ولو وجبت الإمامة عقلاً على الله لما خلا عصرٌ من الإمام، وليس هذا واقعَ الحال، وإن زعموا خلافه، فحتى النبوة خلت في عصر من العصور، كما بين سيدنا عيسى - صلى الله عليه وسلم - وسيدنا محمد - صلى الله عليه وسلم - (?).
ويُردُّ على الدليل النقلي بأنه لا يفيد الوجوب على الله، وغاية ما في الأمر ...