لهذا فمنذ قيام الخلافة الفاطمية كان لها أطماع جديَّة في الأندلس، من أجل القضاء على الحكم الأموي فيها بدافع الاختلاف المذهبي ولتأمين حدودها الغربية، فعملت على مد نفوذها في المغربين الأوسط والأقصى، بالتحالف مع قبيلة كتامة البربرية، وكان عبيد الله المهدي (?) بالإضافة إلى ما يقوم به من أعمال حربية وتوسعية في أفريقية والمغرب، مهتماً أيضاً بإعداد الدعاة المهرة وانتقائهم من بين العلماء المخلصين لمبادئ الشيعة، وإرسالهم إلى كثير من أقاليم العالم الإسلامي لبثِّ دعوة الفواطم ونشر مبادئهم، ولا سيما في أرض الأندلس حيث يوجد أعداؤهم التقليديون بنو أمية، وذلك ليمهدوا الطريق أمام الغزو الفاطمي، بالدعاية وبث الأفكار الشيعية في ربوع الأندلس من جهة، وبالجاسوسية من جهة أخرى، لمعرفة الأحوال السياسية والاقتصادية والدينية للبلد المقصود، والتركيز على مواطن الضعف والقوة فيه، وقد كُلِّف بهذه المهمة مجموعة من الجواسيس والدعاة، وراء ستار من المصالح المشروعة، كالتجارة أو العلم أو السياحة الصوفية (?)، وكان الفاطميون في أفريقية والمغرب يجسُّون النبض ويترقبون الفرصة للهجوم، إما شرقاً نحو مصر أو غرباً نحو الأندلس، مما كوَّن خطراً واضحاً على أمويي الأندلس (?).
لقد أدرك كل من الأمويين والعبيديين خطورة كل منهما على الآخر، كما أدركا الأهمية الإستراتيجية للمغربين الأوسط والأقصى لكل منهما أيضاً، فالمغرب في نظر الخليفة الناصر مفتاح للأندلس (?)، بينما كان يرى العبيديون أنه لا يمكن أن