«وهو يزعم أنه أمير المؤمنين! إننا أهل ذلك دونه ودون سواه» (?).
لابد هنا من الإشارة إلى الحكم الفقهي المتعلق بأسر الخليفة أسراً لا خلاص له منه، والذي يقضي بزوال شرعية الخليفة ووجوب تنصيب غيره مكانه، لعدم جواز خلو منصب الخلافة، والأمر الذي حصل في بغداد للخلفاء كان أشبه بالأسر الذي يصبح الخليفة معه لا حول له ولا قوة، وإن كان الشبه ضعيفاً، من هنا كانت شرعية إعلان الناصر نفسه خليفة في الأندلس لها أساس فقهي مقبول إلى حد ما (?).
يمكن ملاحظة دور العلماء في بقاء الخلافة الأموية في الأندلس في العدد الكبير من الفقهاء الذي أورده ابن الخطيب في كتابه (أعمال الأعلام في من بويع قبل الاحتلام من ملوك الإسلام) والذين أيدوا الدعوة إلى بيعة هشام المؤيد بن المستنصر في سنة 366 هـ وكانت الخلافة يومها في أوج قوتها، ثم بدأت بعدها بالانحدار، وقد بلغ عدد الفقهاء الذين ذكرهم الخطيب 138 فقيهاً، رغم أن هشاماً المؤيد كان يومها في الحادية عشرة من عمره، ورغم أن هذا العدد فيه تضخيم، لأن بعض الأسماء قد تكررت وبعضها ولد عام البيعة، وذلك لرغبة ابن الخطيب في تبرير مبايعة أبي فارس عبد العزيز المريني سلطان المغرب لابنه الصغير أبي زيان محمد السعيد، وهذا تولى العرش سنة 774 هـ/1372 م تحت وصاية الوزير أبي بكر بن غازي صديق ابن الخطيب الذي أكرمه وأمَّنه عندما لجأ إليه فاراً من الأندلس، إلا أن بقية الفقهاء الذين ذكرهم ابن الخطيب تكفي لإثبات التأييد