المبحث الثالث
الخلافة الأموية في الأندلس
تمهيد: كان ما فعله العباسيون بالأمويين في بداية خلافتهم سبباً غير مباشر لنشوء الإمارة الأموية في الأندلس، فقد تتبع العباسيون الأمويين بالقتل في كل مكان، وخاصة عندما دبَّر لهم أبو العباس الملقب بالسفاح مؤامرة قتل فيها الكثير منهم عند أبي فطرس (?)، ونجا منها عبد الرحمن بن معاوية (?) ومعه ابنه الصغير سليمان وخادمه المخلص بدر، وفرَّ منهم في رحلة طويلة وشاقة، امتدت حوالي ست سنوات متنقلاً بين قبائل البربر في المغربين الأوسط والأقصى، قبل أن يصل إلى الأندلس - التي كانت تمزِّقها حرب أهلية، وكان جده هشام بن عبد الملك قد وهبه جميع الأخماس التي اجتمعت للخلفاء في الأندلس - ويعلن قيام الإمارة الأموية المستقلة هناك، ثم ليعلنها أحد أحفاده سنة 316 هـ خلافةً أمويةً.
ويعود قيام الدولة الأموية في الأندلس إلى أسباب سياسية بحتة، إذ لم يكن هناك أي خلاف مذهبي أو عَقَدي بينها وبين الدولة العباسية، والخلاف بين المذهب الرسمي في الأندلس وبين المذهب الرسمي في الدولة العباسية إنما جاء انعكاساً للخلاف السياسي بينهما ومتأخراً عنه، وبقي محصوراً بمسائل فرعية (?).