وقد انعكس هذا على الواقع فالخلفاء الراشدون - رضي الله عنهم -، ثمَّ خلفاء بني أميَّة، ثمَّ خلفاء بني العبَّاس بالعراق، ثمَّ خلفاؤهم بالديار المصريَّة، ثم خلفاء الدولة العثمانية، كلهم جارون على نسق واحد يتولى الخلافة منهم الواحد بعد الواحد، إمَّا بالعهد ممن قبله أو بالبيعة من أهل الحلِّ والعقد.
كما كانت هذه هي ممارسات الصَّحابة - رضي الله عنهم - والتَّابعين ومَنْ بعدهم، فقد رفض محمد بن الحنفيَّة مبايعةَ ابن الزبير وعبد الملك بن مروان في فترة صراعهما وبايع عبدَ الملك بعد مقتل ابن الزبير، ورفض سعيد بن المسيب أن يبايع ابني عبد الملك بن مروان وقال: لم أكن لأبايع بيعتين في الإسلام بعد حديث سمعته عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أنَّه قال: «إذا كانت بيعتان في الإسلام فاقتلوا الأحدث منهما» (?).
4 - ومن المعقول:
فإن تعدد الأئمة والخلفاء يؤدي إلى التفرق والضعف والشقاق والخلاف، وربما إلى سفك الدماء، وهذا كله منهي عنه، فما يسببه منهي عنه أيضاً، فالطريق إلى الحرام حرام، ولأنَّ التعدد يقتضي لزوم امتثال أحكام متضادة (?).
وقد استند من أجاز التعدد مطلقاً إلى قول الأنصار: «منا أمير ومنكم أمير» ولكن هذا الاقتراح رُفض من الصحابة، وتراجع الأنصار عن ذلك الاقتراح لما قال لهم أبو بكر: «إنه لا يحل أن يكون للمسلمين أميران» (?)، ونقل عن عمر أيضاً أنه قال: «لا يصلح سيفان في غمد واحد» (?). وكان سببَ اقتراح الأنصار ذلك