من ذلك، فهي من صميم الدين، ولكن بشرط أن تظل ترنو ببصرها نحو كتاب الله وسنة رسوله كقدوةٍ ومنهاجِ عمل، حتى ولو فشلت في تطبيق بعض صور هذا الاقتداء، ولا يمكن أن تكون القيادةُ هذا حالُها ما لم تكن مُسلمةً، فلهذا كان الإسلام شرطاً متفقاً عليه، ولهذا كان شرطَ انعقاد أي لا تنعقدُ الخلافة أصلاً عند فقده، وتكون باطلة لاغية لا قيمة لها.
وأما دليل هذا الشرط فقوله - عز وجل -: {وَلَنْ يَجْعَلَ اللَّهُ لِلْكَافِرِينَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ سَبِيلًا} النساء/141. وقوله - عز وجل -: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ ْ} النساء/59. وقوله - عز وجل -: {وَإِذَا جَاءَهُمْ أَمْرٌ مِنَ الْأَمْنِ أَوِ الْخَوْفِ أَذَاعُوا بِهِ وَلَوْ رَدُّوهُ إِلَى الرَّسُولِ وَإِلَى أُولِي الْأَمْرِ مِنْهُمْ لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَسْتَنْبِطُونَهُ مِنْهُمْ} النساء/83. وانعقد الإجماع على هذا الشرط. وممارسةُ هذا الشرط وتطبيقُه منذ وفاة النبي - صلى الله عليه وسلم - إلى انْهِيار الخلافة العثمانية ثم بَعْدها في كثيرٍ من البلدان الإسلامية والغالبِ الأعظمِ فيها هُوَ خيرُ دليلٍ على ذلك.
وهو شرط بَدَهيٌ، إذ لا يعقلُ تولي مجنون قيادةَ شيء فضلاً عن قيادة أمة، ومن الناحية الشرعية فالمجنون غير مكلَّف ويكون في ولاية غيره فلا يلي أمر المسلمين، ولهذا كان العقلُ شرطَ انعقاد، اشترطه جميع المتكلمين من أهل السنة (?). لقوله - صلى الله عليه وسلم -: «رفع القلم عن ثلاثة: ... وعن المجنون حتى يفيق» (?)،