قوله: (وقَدْ يُؤكِّدَانِ نَحْوُ: {وَلَا تَعْثَوْا فِي الْأَرْضِ مُفْسِدِينَ} (?) وقَوْلَه: (مِنْ خَيْرِ أَدْيَانِ الْبَرِيِّة دِيناً) ومِنْهُ: (بِئْسَ الْفَحْلُ فَحْلُهُمُ فَحْلاً) خلافاً لسيبويه) .
أي: قد يأتي الحال والتمييز مؤكدين. فلا تكون الحال لبيان الهيئة ولا يزيل التمييز إبهاماً. بل يفيدان مجرد التأكيد.
فالحال المؤكدة: هي التي لا تفيد معنى جديداً سوى التوكيد نحو: لا تظلم الناس باغيًا. فـ (باغيًا) حال من الفاعل. وهي مؤكدة لقوله: (لا تظلم) ؛ لأن الظلم هو البغي. ولو حذفت لفهم معناها مما بقي من الجملة. ومنه قوله تعالى: {وَلَا تَعْثَوْا فِي الْأَرْضِ مُفْسِدِينَ} فـ (مفسدين) حال من الواو، وهي مؤكدة لقوله (لا تعثوا) ؛ لأن العَثْوَ هو الفساد معنى. وقوله تعالى: {هُوَ الَّذِي خَلَقَ لَكُمْ مَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا} (?) فـ (جميعًا) حال من (ما) وهي مؤكدة، لأن العموم مستفاد من لفظ (ما) .
وأما التمييز المؤكد فكقول أبي طالب:
ولقد علمت بأن دين محمد ……من خير أديان البرية دينا (?)
فـ (ديناً) تمييز مؤكد لما سبقه، إذ لو حذف لفهم معناه مما بقي من الكلام.
ومنه أيضاً قول جرير:
والتَّغْلَبِيُّون بئس الفحلُ فحلُهمُ …فحلاً وأُمهمُ زَلاَّءُ مِنْطِيقُ (?)