ج 11: لا شك أنَّ من الناس من لا يرتدع إلاَّ بالعنف، ولكن العنف الذي لا يخدم المصلحة، ولا يحصل به إلاَّ ما هو أشر، لا يجوز استعماله؛ لأن الواجب اتباع الحكمة، والعنف الذي منه الضرب والتأديب والحبس، إنما يكون لولاة الأمور، وأما عامة الناس، فعليهم بيان الحق، وإنكار المنكر، وأمَّا تغيير المنكر، ولا سيما باليد، فإن هذا موكول إلى ولاة الأمور، وهم الذين يجب عليهم أن يُغيروا المنكر بقدر ما يستطيعون؛ لأنهم هم المسؤولون عن هذا الأمر، ولو أن الإنسان أراد أن يُغير المنكر بيده كلما رأى منكرًا، لحصل بذلك مفسدة قد تكون أكبر من المنكر الذي أراد أن يغيره بيده، فلهذا يجب اتباع الحكمة في هذا الأمر، لو كنت ربّ أهل بيت، أي راعيهم، فإنك تستطيع أن تُغير المنكر في هذا البيت بيدك، فغيَّره، لكن تغير هذا المنكر بيدك في السوق، قد تكون النتيجة أسوأ من بقاء هذا المنكر، ولكن يجب عليك أن تبلغ من يملك تغيير هذا المنكر في السوق.
س 12: فضيلة الشيخ: قد ذكرتم خلال المحاضرة أنه يجب على الداعية ألاَّ يدعو إلى شيء إلاَّ بعد تحقيقه في نفسه، والسؤال هو: إذا كان هذا الداعية يدعو إلى شيء لا يستطيع تطبيقه بعد المحاولة على ذلك، ويرى أن هذا المدعو سوف يقدر على القيام به.. فهل يدعو إليه؟
ج 12: نعم.. إذا كان هذا الداعي الذي يدعو إلى الخير، لا يستطيع أن يفعله بنفسه، فعليه أن يدعو غيره إليه، ولنفرض كذلك أن رجلاً يدعو إلى قيام الليل، لكنه لا يستطيع أن يقوم الليل، يعني لا يستطيع أن يقوم هو الليل، فلا نقول: إذا كنت لا تستطيع، فلا تدعُ إلى قيام الليل، رجل يدعو إلى الصدقة وهو لا يستطيع، لا يملك أن يتصدق، نقول: ادعُ، وأما شيء يدعو إليه وهو يستطيعه، فلا شك أنه سفهٌ في العقل وضلال في الدين.