ومن هذا كله نرى أننا كلما اقتربنا من منتصف القرن الثاني الهجري، أخذت الأصول الأولية للسيرة تأخذ بالوضوح شيئا فشيئا وذلك راجع إلى قربها من مرحلة التبويب والتصنيف التي يحددها الذهبي بسنة (143 هـ) (?) ، إذ كان العلماء على حد قوله قبل هذه السنة يكتبون في صحف غير مرتبة (?) .
4. موسى بن عقبة (ت 141 هـ) :
وهو من موالي آل الزبير ومن أعلام عصره، ويعدّ من كبار المحدثين وثقاتهم، برع في الفقه وفي رواية الحديث وكانت له حلقة درس في المسجد، وسمع الحديث من كبار التابعين (?) .
كان لهذه الشخصية دور بارز في توثيق أحداث السيرة والمغازي بخاصة، حيث ذكرت بعض المصنفات قيام هذا الرجل بتصنيف كتاب في مغازي الرسول صلى الله عليه وآله وسلّم (?) ، وحصلت هذه المدونة عن سيرة الرسول صلى الله عليه وآله وسلّم ومغازيه على احترام معاصريها حتى أوصى الإمام مالك ابن أنس (ت 179 هـ) أصحابه باعتمادها بقوله: " عليكم بمغازي الشيخ الصالح موسى ابن عقبى فأنها اصح المغازي عندنا" (?) .