كان لذلك صدى قوي في عقل محمد بن إسحاق حين بدأ سيرة الرسول صلى الله عليه وآله وسلّم بأخبار الأمم والأقوام والأنبياء السالفة التي أسماها بأخبار المبتدأ (?) .
هؤلاء هم التابعون الذين هم في الطبقة الأولى من علماء المغازي والسير الذين وجدنا أن ملامح كتابتهم لسيرة الرسول صلى الله عليه وآله وسلّم كان يشوبها التشويش والغموض في عدم وضوح المنهج والأسلوب في الكتابة، واندماج الخبر المدون بالخبر المروي شفاها، وعدم وجود قرينة دالة على الفصل بينهما، أما أصحاب الطبقة الثانية ممن تلوا هؤلاء، واسهموا اسهامات جليلة في تطور كتابة السيرة النبوية فهم:
1. عبد الله بن أبي بكر (ت 135 هـ) :
ينتمي هذا الرجل إلى أسرة مدينة عريقة في النسب والحسب، ولها أياد بيض في تأريخ الإسلام، وثقه كل من ترجم له، وسمع الحديث من جمع غفير من كبار التابعين (?) .
دون هذا الرجل مجموعة كبيرة من أحداث السيرة، إذ يشير الخطيب البغدادي (ت 463 هـ) إلى أن عبد الملك بن أخي عبد الله قد قدم بغداد وأقام فيها وحدث بأخبار المغازي عن عمه عبد الله، وكتب جلساؤه هذه المغازي ورووها عنه (?) ، ويعطي ابن النديم (ت 381 هـ) بعدا أكثر من ذلك بجعله ممن صنف كتابا مستقلا بالمغازي يحتمل فيه أنه أقتبسه من عمه (?) .