وكان الخديوي عباس في تركيا لبعض شئونه، فانتهزت بريطانيا الفرصة، وأعلنت الحماية على مصر، ومنعت عباسًا من العودة إلى البلاد، وولت آخر من أسرة محمد علي، هو حسين كامل، الذي خلعت عليه لقب سلطان1.
وعاش المصريون فترة الحرب الكبرى الأولى في ضيق بالغ، وتحت ضغط رهيب، حيث فرض الإنجليز على الصحف الرقابة، وأعلنوا الأحكام العسكرية، وساقوا المصريين إلى العمل الشاق المهين تحت اسم "السلطة"، واستولوا على كثير من أقوات أبناء البلاد، وأموالهم لإمداد الجيوش البريطانية، كل هذا تحت عين الحكام من أبناء أسرة محمد علي، والمواطنون وزعماؤهم مكبلوا الإرادة مغلولو القدرة، لا يستطيعون أن يقاوموا هذا الطغيان، إلا بما سمحت به ظروفهم القاسية، حينذاك، كالسخط على الإنجليز والابتهاج بكل ما يصيبهم من هزائم، وكبعض المحاولات لاغتيال صنائعهم من الحكام المفروضين على البلاد، فقد اعتدى على السلطان حسين مرتين بقصد اغتياله، ولكنه نجا في المرتين، واستمر ضغط الإنجليز من جانب، وتمكين صنائعهم لهم من جانب آخر، حتى نهاية الحرب2، فلما وضعت الحرب أوزارها، وأعلنت الهدنة سنة 1918، تقدم نفر من زعماء البلاد3 إلى المعتمد البريطاني، مطالبين برفع يد الإنجليز عن مصر، ثم تألف وفد4، وطلب السماح لبعض أعضائه بالسفر إلى إنجلتراء لحضور مؤتمر الصلح الذي ستسافر إليه وفود عديدة من