على أن ارتباط أصحاب الاتجاه الأول بفكرة الجامعة الإسلامية، صبغت دعوتهم الإصلاحية، وكل نشاطهم النضالي بطابع إسلامي عربي واضح، وذلك لارتباط الإسلام بالتراث العربي ارتباطًا لا انفصام له، ومن هنا عنوا بالتراث العربي والاهتمام به، والإقبال على تمثله والاعتماد عليه، كما نافحوا عن اللغة العربية، وتصدوا للدعوات المحاربة لها أو الغاضة من شأنها، كما اهتموا بإشاعة القيم الإسلامية العربية، والاعتماد على الأسلوب الحضاري الذي عرفته حضارة العرب والإسلام، ولم يفتنوا كثيرًا بالحضارة الغربية، وأساليبها الغربية الوافدة.
كما أن ارتباط أصحاب الاتجاه الثاني بفكرة القومية، شكل دعوتهم الإصلاحية، وكل نشاطهم النضالي بطابع غربي أوروبي واضح، فإيمانهم بالقومية، جعلهم يعطون ظهرهم للخلافة، ويولون وجوههم شطر البلاد التي نشأت فيها القوميات، والتي ازدهرت فيها مدنية حديثة تبهر الأبصار.
ومن هنا شغل أصحاب هذا الاتجاه الثاني شطرًا كبيرًا من نشاطهم بألوان من الإصلاح الفكري والاجتماعي والسياسي، الذي يستمد مثله الأعلى من حضارة الغرب ومدنية أوروبا؛ فنادوا بفصل الدين عن الدولة، كما نادوا بفكرة الوطنية بمفهوم عقل مصلحي، لا بمفهوم وجداني حماسي، كذلك دعوا إلى تفسير نصوص الدين بما يلائم الحضارة ويتفق مع التطور، وظهرت في هذا المجال دعوة قاسم أمين لتحرير المرأة1.
والحق أن الاتجاه الأول أخذ -من الناحية السياسية- يضعف شيئًا