لم يعرف التاريخ الفني الحديث في مصر، مسرحيات قبل تلك الفترة التي نؤرخ لأدبها، ولم يكن لمصر مسرح عربي قبل سنة 1870 على وجه التحديد؛ ففي هذا التاريخ أنشئ أول مسرح عربي في مصر، محاكيًا أولًا المسرح الأوروبي، ثم مستفيدًا بعد ذلك من نشاط الوافدين الشوام، الذين كانت لهم صلة بفن المسرح، وكتابة المسرحيات قبل ذلك بفترة1.
وبيان ذلك، أن بعض المسارح كان قد أنشئ في مصر قبل هذا التاريخ، غير أن هذه المسارح ظلت أجنبية، لا تقدم عليها مسرحيات عربية، ولا يمثل عليها مملثون عرب، فقد أنشأ نابليون في مصر، أول مسرح سنة 1798، لكي يستمتع جنوده ببعض المسرحيات الفرنسية، ثم أنشئ بعد ذلك -في أيام إسماعيل- "مسرح الكوميدي" سنة 1868، وقدمت عليه المسرحية الغنائية الإيطالية "ريجوليتو"، ثم أنشئ "مسرح الأبرا" سنة 1869، وقدمت عليه المسرحية الغناية الإيطالية "عايدة"، وكان ذلك بمناسبة الاحتفالات التي أقيمت لافتتاح قناة السويس2، ويلاحظ أن المسرحية العربية لم يكن لها أي مكان على أي مسرح في مصر حتى هذا التاريخ.
وقد كان نشاط الفرق الأجنبية التي عملت في مصر حينذاك، مشجعًا لبعض المصريين على الاشتغال بالتمثيل؛ فقد تحمس يعقوب صنوع، صاحب جريدة "أبي نضارة"، والذي كان قد درس في إيطاليا، وشاهد كثيرًا من المسرحيات فيها، فأنشأ أول مسرح عربي في مصر، وألف له