3- القصص واستقرار اللون الفني:

في هذه الفترة استقر القصص كجنس أدبي، ولم يعد مترددًا بين استلهام التراث وتأسي القصص الغربي1؛ فقد اتجه تمامًا إلى الطريق الذي سلكه القصاصون الغربيون، وتأسي القوالب الفنية في القصة القصيرة والرواية، مستدبرًا تلك المحاولات التي قصدت استلهام التراث، كما فعل المويلحي في "حديث عيسى بن هشام"، ثم متجاوزًا مرحلة التمهيد التي كانت تمزج القصة ببعض العناصر الغريبة عن فنها الصحيح، كما فعل المنفلوطي في "العبرات"، وإلى ذلك كله ظهر جيل من كتاب القصص المتمكنين، الذين تفرغوا فنيًا لهذا الجنس الأدبي، ولم يشاركوا -كأغلب الكتاب الكبار- في المجالات الصحفية والسياسية، ولم يكن همهم المقال أو الكتاب أو ما إلى ذلك، فهؤلاء الكتاب القصصيون الخلص، هم الذين جعلوا لهذا الجنس الأدبي مكانًا مرموقًا بين الأجناس الأدبية الأخرى.

وليس من شك في أن القصص مدين في استقراره -بجانب جهود هؤلاء الرواد- لما كان الفترة السابقة من محاولات ولد معها هذا الجنس الأدبي على صورته الفنية في الأدب الحديث، حيث كان ميلاد الرواية على يد الدكتور محمد حسين هيكل2، كما كان ميلاد القصة القصيرة على يد محمد تيمور3.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015