"إذن وقعت الواقعة التي طالما هادنا عليها القدر، وانتزع الموت في لحظة من ضنت به الأجيال متعاقبة، وتعبت في صنعه وصوغه العظائم والعبر، فكان لها عونًا على الدهر، وكان هو المدخر، إذن فقد نفذ السهم وحم القدر، ذلك الذي كنا إلى الأمس ننادي به، إذا انطلق السهم إليه ارتد وانكسر، وإذا التطم الموج بصخرة عج وانحسر، وإذا امتدت إليه يد الحوادث ارتد القدر، عجبًا هل تطاول القبر إلى مكان فوق هامات البشر؟ أم أن تلك العظمة الشامخة لما لم تجد علوًّا ترتفع إليه قد تواضعت، فتدانت حتى ذلك المستقر؟ سبحانك رب، بل أردت فقدرت، فمنك الوجود، وإليك المفر"1.

ومن نماذج الخطب التي لُونت بلون المقول فيه، فأخذت طابعًا موضوعيًا خطبة طه حسين في حفل تكريم العقاد الذي كان قد أقيم له سنة 1934 بمناسبة نظمه "النشيد القومي"2، وهي الخطبة التي باعي فيها طه حسين العقاد بإمارة الشعر، وفيها يقول:

".... نحن حين ندرس الشعر مضطرون إلى أن ندع ميولنا، وأهواءنا، وعواطفنا، وإلى أن نحكم عقولنا وذوقنا وحده، ونحن إذن من هذه الناحية بخلاء بالمدح، بخلاء بالثناء، لا نقدم المدح إلا بمقدار، ولا نثني إلا بشيء كثير من الاحتياط؛ لأننا نزعم أننا أمناء على الفن، وأن النقد يضطرنا إلى أن نتجنب الغلو والإسراف، ومع هذا فإني أريد أن أكون منصفًا مسرفًا في الإنصاف إن صح هذا التعبير، وأريد أن لا أتحرج في المدح أو الثناء،

طور بواسطة نورين ميديا © 2015