دون إغفال لجوانب الحرارة العاطفية، والتدفق الخطابي الآسر، وكان يمثل هذا النوع أحمد حسين، وفتحي رضوان.
وإذا كانت الخطابة السياسة قد ازدهرت ازدهارًا مشوبًا بكثير من العيوب التي فرضتها روح الفترة -وهي روح الصراع السياسي-، فإن الخطابة القضائية قد ازدهرت ازدهارًا خالصًا، وارتقت رقيًا ساميًا، حتى اكتملت أهم مقوماتها ورست أقوى دعائمها، واصبحت منذ تلك الفترة من جملة التقاليد القضائية الرائعة.
وقد تضافرت عوامل مختلفة، على منح الخطابة القضائية هذا المستوى الرفيع. وكان في مقدمة هذه العوامل، استقرار تقاليد القضاء الوطني بعد استكمال مراحله وسيره نحو تمام تمصيره، ثم ظهور جيل من رجال القضاء الممتازين -بعد جيل الرواد- يجمع إلى الثقافة القانونية المستوعبة قدرة بيانية، وخطابية رائعة، وذلك لما لهم من صلة وثيقة بالتراث العربي وعيون أدبه، كذلك كان من أهم العوامل التي منحت الخطابة القضائية الازدهار، والرقي في تلك الفترة، ما كان من ممارسة رجال القضاء لعدد من القضايا الكبرى، التي خلفتها طبيعة المرحلة، بما حفلت به من معارك سياسية ووطنية1، فقد