بشكل واضح من كتابات المجددين الثلاثة شكري، والمازني، والعقاد على نحو ما ذكر في أول هذا الفصل.

وإذا كان رواد هذا الاتجاه قد اعترفوا بتأثرهم بمطران، واعتزوا بأستاذيته من بين المجددين1، على حين أغفلوا تأثرهم "بالاتجاه التجديدي الذهني"، الذي كان يتصدره العقاد، فليس معنى ذلك أن مطران كان فعلا أستاذهم في التجديد، وأن العقاد وصاحبيه شكري والمازني، لم يكونوا من المؤثرين في هذا الاتجاه الجديد، فالحق أن أعلام الاتجاه التجديدي الذهني، كانوا ذوي تأثير كبير في هذا "الاتجاه الابتداعي" بما لهم من شعر جديد خصب، وبما لهم أيضًا من كتابات رائدة في النقد والتبصير بوسائل التجديد في الشعر، ورمبا كان العقاد بشعره الجديد ونقده الرائد، من أهم المؤثرين في هؤلاء الشعراء الابتداعيين.

غير أنه يبدون أن هؤلاء الشعراء الابتداعيين كانوا -أيام ظهور اتجاههم- يؤثرون السلامة، ويخافون من الخصومات، ويبتعدون عن التحزب، لهذا لاذوا بمطران المحايد المسلم من بين المجددين، وأغفلوا العقاد واتجاهه، لارتباطه بكثير من المعارك والصراعات، التي لم يشأ هؤلاء الشعراء الجدد أن يمسهم شررها وهم في أول الطريق2.

هذا بالإضافة إلى ما كان من صلة قوية بين مطران، وأحمد زكي أبي شادي، تلك الصلة التي ترجع إلى صداقة مطران ووالد الشاعر، فهذه الصلة القوية والمودة القديمة، جعلت أبا شادي يكثر من الإشادة بمطران، وجعلت زملاءه أو مريديه، يجارونه في هذه الإشادة، التي ترجع إلى المجاملة، وإلى شخصية مطران أكثر من أي سبب آخر3.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015