ومن أمثلة هذا التغيير الذي يدخله الشاعر على وزن القصيدة المقطعية التي من اللون الأول، ما نجده عند الهمشري في قصيدة "النارنجة الذابلة"، حيث يلجأ صاحبها في بعض المواطن إلى عدم التزام شكل المقطع الذي سار عليه منذ أول القصيدة، فهو قد غلب استخدام المقاطع رباعية مسمطة ببيت خامس مكرر تختم به المقطوعة، ولكنه لم يلتزم ذلك في كل القصيدة، بل جعل بعض المقاطع ثنائية على طريقة المزدوج، وجعل بعضها رباعية بلا تسميط، وهكذا جاءت المقاطع منوعة خلال القصيدة، وإن غلب عليها المقطع المسمط1، وهذا التغيير قد أحدث في القصيدة حركة، وبعد بها كثيرًا عن الرتابة، بل حقق بها مرونة الشعور، وتنوع الإحساس الذي يوحى به تنوع النغم2.
على أن بعض شعراء هذا الاتجاه قد أقدموا على محاولات أكثر جرأة، وذلك في السنوات الأولى التي شهدت فكرة التجارب الفنية، ومن تلك المحاولات، استخدام قال الشعر المرسل، الذي لا يلتزم قافية ما، وإنما يلتزم الوزن فحسب3. وكان شكري قد سبق إلى هذا القالب، ولكن هذا القالب المرسل لم يصادف نجاحًا عنده، كما لم يصادف في محاولات شعراء هذا الاتجاه كذلك، ومن محاولات بعضهم الجريئة، استعمال أكثر من بحر في القصيدة الواحدة، مع التنويع في الشطرات طولًا وقصرًا، ومع التحرر من القافية4، وهذه المحاولة تشبه من بعض الوجوه بعض محاولات الشعر الحرب، حيث لا يلتزم وحدة