والخاصة السابعة من خصائص هذا الاتجاه المتعلقة بالأسلوب، وطريقة الأداء، هي الميل إلى استخدام التعابير الرامزة، التي يغلفها سرت من الضباب الخفيف، أو يغشيها جو من الإبهام اللطيف، فيحول بينها وبين الدلالة المحددة المباشرة. فهي لا تعطي مدلولًا وضعيًّا أو مجازيًا دقيقًا، وإنما تثير في النفس أحلامًا ورؤى وأحاسيس مبهمة، تنتقل بها إلى أودية خيالية بعيدة، تبعث بها ذكريات قديمة، أو تخلق فيها علاقات بين أشياء تبدو غريبة.. ومن تلك التعابير: "اللهب المقدس" و"الشاطئ المجهول" و"وادي الجن" و"شاطئ الأعراف"، و"حجب الغيب" و"نهر النسيان"، و"بحر العدم" و"عروس البحر"، فتعبير "اللهب المقدس" مثلا يحمل المرء على أجنحة الخيال إلى معابد الوثنيين، وهم يوقدون نيرانهم ويقومون بعباداتهم في حرارة ذاهلة، وإخلاص ساذج، فحين يعبر بهذا التعبير عن نار الحب مثلًا، فإنه يلقى على هذا الحب لونًا من القداسة، ويقربه من العبادة الحارة الذاهلة والإخلاص الفطري ... وتعبير "الشاطئ المجهول" حيث يذكر في مجال خبط الإنسان نحو مصيره الغامض، فإنه يثير في النفس مشاعر اصطخاب الحياة وتلاطمها، حتى كأنها محيط تنتهي أمواهه إلى شاطئ غامض رهيب لا يدري ما يخبأه وراءه، وهكذا يمكن أن يقال في بقية هذه التعابير1.
وقد أدت الخصائص السابقة، كخاصة التوسع في المجاز بناء على وحدة الأثر النفسي، وكخاصة تجسيم المعنويات، وخلع الحياة الإنسانية على ما ليس بإنسان، وكخاصة استخدام التعابير الرامزة -أدت تلك الخصائص إلى خاصة ثامنة من خصائص الأداء الشعري لهذا الاتجاه، وتلك الخاصة هي التجديد في الوصف، فشعراء هذا الاتجاه يكثرون من الأوصاف الجديدة، التي لم يعرفها الاستعمال اللغوي، ولم يألفها التراث الشعري، فالمرأة مثلًا ليست شمسًا أو قمرًا،