الذي تحمس لتلك القضية في كتابه "في أوقات الفراغ"، ثم عاد إليها بعد ذلك في كتابه "ثورة الأدب"، فإذا تأملنا تلك الدعوة، وجدناها تمثيلًا للإحساس باستقلال الشخصية المصرية، وقد تطرفت تلك الدعوة حينًا، فوصلت إلى الدعوة الفرعونية، والمناداة باستلهام الأدب للماضي المصري القديم، باعتبار أن الروح المصري الحديث ليس إلا امتدادًا للروح الفرعوني، برغم تتابع العصور، وتوالي الديانات وتمازج الأجناس.. وقد تبنى تلك الدعوة كذلك بعض كتاب "السياسة"، وتحمس لها بصفة خاصة الدكتور محمد حسين هيكل1، وكان وراءها أيضًا هذا الشعور باستقلال الشخصية المصرية.
بل إن هذا الشعور باستقلال الشخصية المصرية، وعدم ارتباطها بالماضي العربي والتراث الإسلامي، قد جمح بالبعض فدعا إلى اصطناع اللغة العامية المصرية، وإحلالها في المجال الفكري والأدبي محل العربية الفصحى، وقد ردد تلك الدعوة طائفة من المتطرفين، من أشهرهم سلامة موسى، وقد سبقه إلى تلك الدعوة بعض العلماء والخبراء الغربيين، الذين لا ترتفع دعوتهم عن مستوى الشبهات2.
وواضح أن الإحساس بالحرية الفردية، والتشبع بروح الثورة كانا يرفدان الشعور باستقلال الشخصية المصرية، عند كل أصحاب هذه الدعوات من كتاب تلك الفترة.