أما أهم تلك الأسباب التي جعلت من الاتجاه الغربي اتجاهًا رئيسيًا متفوقًا، ودفعت به إلى الأمام في المجال الفكري والأدبي، فأهمها: تلك الروح التي خلفتها الحرب العالمية الأولى، ومن بعدها ثورة سنة 1919؛ فشأن الحروب والثورات أن تزلزل القيم، وتدعو إلى التغيير، وتدفع إلى التطلع نحو الجديد.
كذلك كان من أهم الأسباب، هزيمة تركيا في الحرب العالمية الأولى، واتضاح فشل فكرة الخلافة والجامعة الإسلامية، بقيام ثائرين في تركيا نفسها، يلغون الخلافة، ويرفضون الجامعة الإسلامية، وينادون بفكرة الوطنية المحلية1؛ الأمر الذي شجع على تبني الفكرة نفسها في مصر، بل على ظهور كتاب جريء، يقرر أن الخلافة ليست شكلًا حتميًّا للحكم يفرضه الإسلام، وهو كتاب "الإسلام وأصول الحكم" للشيخ علي عبد الرازق، أحد كتاب جريدة السياسية2.
ثم كان من أهم أسباب تفوق هذا الاتجاه كذلك، ازدياد الاتصال بالغرب في المجال الفكري بسبب عودة طائفة من الدارسين في أوروبا إلى مصر، ممن كانوا يؤمنون بهذا الاتجاه الغربي ويروجون له، من أمثال محمد حسين هيكل، ومحمود عزمي وطه حسين.
كما كان من أسباب تفوق هذا الاتجاه، سيطرة روح حزب الأمة على الحياة في تلك الفترة؛ فذلك الحزب الذي أسس ذلك الاتجاه في الفترة السابقة، قد تحول في هذه الفترة أولًا إلى الوفد، حين اشترك أعلامه في تبني القضية الوطنية تحت اسم "الوفد المصري" بعد انتهاء الحرب العالمية الأولى3،