مصطفى كامل1، الذي يعد علمًا من أعلام الخطابة السياسية في التاريخ الأدبي. فقد كان ذا موهبة خطابية مبكرة، من أهم مظاهرها: التحمس الشديد، والتدفق المنساب، والقدرة البالغة على تحريك مشاعر الجماهير، وإلهاب عواطف المستعمين، ثم المهارة في تفنيد حجج الخصوم، وتدعيم الرأي الذي يدعو إليه، بمزيج من الحجج العقلية، والمؤثرات العاطفية.

وقد كان مصطفى كامل لا يدع فرصة إلا انتهزها، للتشهير بالاحتلال وجرائمه، ثم للمطالبة الحارة بالجلاء والدستور، وتحقيق آمال البلاد2.

وقد كانت الخطابة من أهم عوامل نجاح مصطفى كامل، بل أصبحت تشكل جزءًا من شخصيته كزعيم، ومن يومها ارتبط النجاح السياسي بالنجاح في الخطابة والقدرة عليها، وأصبحنا نرى جل الزعماء الكبار يهتمون بالخطابة ويتخذون منها وسيلة فعالة من وسائل النجاح.

هذا في المجال السياسي، أما المجال الاجتماعي؛ فقد كان نشاط الخطابة فيه لا يقل عن نشاطها في المجال السياسي، لما عرفنا من أن السياسيين كانوا أيضًا أصحاب دعوات إصلاحية اجتماعية، بل كثيرًا ما كان الخطيب السياسي الناجح هو نفسه الخطيب، والمصلح الاجتماعي الناجح؛ لأن هذا الجيل كان يخوض معركة نضال في عدد من الميادين، وإن كان أهمها الميدان السياسي بطبيعة الحال، ومن هنا جال الخطباء في ميادين الدعوة

طور بواسطة نورين ميديا © 2015