في السنوات العشر الأولى للاحتلال. خفت صوت الخطابة، الذي كان قد بدأ يعلو منتعشًا في الفترة السابقة، وخاصة مع الثورة العرابية1، وحين بدأت الحركة الوطنية تعود إلى اليقظة، وتتخذ سبيل النضال كانت الخطابة من أهم أسلحتها في هذه السبيل، وقد تعددت المجالات وتنوعت الميادين التي منحت الخطابة الانتعاش ثم النشاط؛ حتى شهدت تلك الفترة طائفة كانوا من أعظم من عرف تاريخ الأدب الحديث من خطباء، كما حظي التراث الأدبي بجمهرة من أروع ما ضم هذا التراث من خطب2.
وكان من أهم مجالات الخطابة المجال السياسي، والمجال الاجتماعي، والمجال الفضائي، أما المجال السياسي، فكان له ميدانان: ميدان رسمي يتمثل في الجمعية العمومية، ومجلس شورى القوانين ثم في الجمعية التشريعية بعد ذلك، وميدان غير رسمي يتمثل في الأحزاب، والهيئات السياسية التي كانت تناضل لتحقيق ما ترى أنه الخير للبلاد، وقد كان أهم هذه الهيئات السياسية غير الرسمية الحزب الوطني، وحزب الأمة.