وغيرهم1؛ قد صاغوا شعرهم على طريقة البارودي، وساروا في فنهم على دربه: فقضوا قضاء شبه تام على الطريقة التقليدية الجامدة، وجعلوا السيطرة للاتجاه المحافظ البياني، وذلك بفضل تمكنهم من أسلوب هذا الاتجاه، وكثرة نتاجهم بطريقته، وقوة تمسكهم بتقاليده، ثم لإلحاح دواعي السير على منهجه.
وقد عرفنا أن أهم أسباب ظهور هذا الاتجاه في الفترة السابقة، كانت تتمثل في هذا النوعي الناضج عند بعض المثقفين، الأمر الذي حمل على الالتفات إلى مجد الماضي وتراث الأمس، للاتكاء عليه ومواجهة تحدي الحضارة الغربية به2، ونضيف الآن أن النضال الذي شهدته الفترة التي نسوق عنها الحديث، قد عمق الإحساس بتلك الفترة، وجعل الارتباط بالماضي العربي أقوى والاتكاء على التراث المجيد أشد، وخاصة عند هذه الجمهرة من المثقفين الذين يؤمنون بفكرة الجامعة الإسلامية، ويرتبطون تبعًا لها بالتراث الإسلامي العربي3، ومن هنا كان هذا الشغف البالغ بالاتجاه المحافظ البياني في الشعر، وكانت سيطرته، وأخذ جمهرة الشعراء الكبار به.
فجلهم من المؤمنين بفكرة الجامعة الإسلامية، ومن المرتبطين تبعًا لها بالتراث،