كذلك قوبل ضغط الاحتلال على الحريات وخنقه للصحافة، بإظهار مزيد من الصحف التي فضحت جرائمه، وشهرت بعدوانه، وقد كان في طليعة الصحف الوطنية في ذلك العهد صحيفة "المؤيد" للشيخ علي يوسف، وقد ظهرت سنة 1889، وارتفع صوتها منذ العام الأول بمسألة الجلاء1، ثم ظهرت صحيفة "الأستاذ" للسيد عبد الله النديم سنة 1892، وحملت على الاحتلال والفساد الذي جرَّه على البلاد، حتى ضاق بها الإنجليز، وضغطوا على الخديو حتى أبعد صاحبها عن مصر2، ثم ظهرت "اللواء" لمصطفى كامل سنة 1900، فكانت سوط عذاب على الإنجليز وعملائهم وجرائمهم، ثم ظهرت "الجريدة" لسان حال حزب الأمة سنة 1907، وكان يرأس تحريرها لطفي السيد3، وقامت هي الأخرى بدور في تحرير الفرد والجماعة لا يمكن أن يجحد، وإن لم تكن في حماس "المؤيد" و"الأستاذ" و"اللواء" فيما يتعلق بموضوع الجلاء، والتشهير بالإنجليز.
وقد كان من أبرز الأحداث التي وجد فيها الوطنيون، والصحافة الوطنية مجالا لمهاجمة الإنجليز، حادث دنشواي الذي وقع سنة 1906، والذي نصب فيه الإنجليز المشانق وأدوات التعذيب لأبناء تلك القرية المسالمة من قرى المنوفية، قبل أن يحاكموا بتهمة قتل أحد الإنجليز، الذين كانوا قد ذهبوا إلى تلك القرية لصيد الحمام، فأصيب بضربة شمس أنهت حياته4.
وكذلك قوبل الضغط الاقتصادي، وما خلفه من فقر وعدم، بدعوات إلى مساعدة المعوزين، ومديد العون إلى المحتاجين، وأنشئت الجمعيات الخيرية، وأسست الملاجئ ونحوها من دور البر.
كذلك قوبل ما بثه الاحتلال من مفاسد خلقية، وما أشاعه من مباذل،