ولا ريب عند المسلمين جميعهم، أن لرسول اللُه صلى الله عليه وسلم جاهاً عظيماً ومقاماً محموداً، وأنه أفضل الورى وخاتم الأنبياء والمرسلين.
ولكن هذا لا يسوغ لنا التوسل والاستغاثة به، وإن كان الأنبياء أحياءً في قبورهم حياة برزخية كاملة لا يعلمها إلا الله، لأن الحياة البرزخية لا تقاس بالحياة الدنيا، ولا تعطى أحكامها، فإذا جاز أن نسأله صلى الله عليه وسلم في حياته الدعاء، بأن يطلب لنا من الله قضاء حاجة أو غفران ذنب، فلا يجوز بعد مماته أن نسأله قياساً على حياته الدنيوية، لأن الله أمرنا بالأولى ولم يأمرنا بالثانية.
وأين هؤلاء من الآيات القرآنية التي تنادي بأن ليس لغير الله أمر أو تصرف، أو قدرة في دفع ضر، أو جلب نفع، سواء أكان نبياً أم غيره، كقوله تعالى:
{قُلْ إِنِّي لَا أَمْلِكُ لَكُمْ ضَرًّا وَلَا رَشَدًا - قُلْ إِنِّي لَنْ يُجِيرَنِي مِنَ اللَّهِ أَحَدٌ وَلَنْ أَجِدَ مِنْ دُونِهِ مُلْتَحَدًا} [الجن: 21 - 22] وقوله: {قُلْ لَا أَمْلِكُ لِنَفْسِي نَفْعًا وَلَا ضَرًّا إِلَّا مَا شَاءَ اللَّهُ وَلَوْ كُنْتُ أَعْلَمُ الْغَيْبَ لَاسْتَكْثَرْتُ مِنَ الْخَيْرِ وَمَا مَسَّنِيَ السُّوءُ إِنْ أَنَا إِلَّا نَذِيرٌ وَبَشِيرٌ لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ} [الأعراف: 188]