الفصل الثاني: في بيان تقسيم التوحيد إلى توحيد الربوبيَّة وتوحيد الألوهية وتوحيد الأسماء والصفات.

الإيمان بالله يشمل الإيمان بوجوده وربوبيَّته وألوهيَّته وأسمائه وصفاته، وأنَّه سبحانه وتعالى متَّصفٌ بكلِّ كمال يليق به، منَزَّهٌ عن كلِّ نقص، فيجب توحيده بربوبيَّته وألوهيَّته وأسمائه وصفاته.

وتوحيده بربوبيَّته الإقرارُ بأنَّه واحد في أفعاله، لا شريك له فيها، كالخَلق والرَّزق والإحياء والإماتة، وتدبير الأمور والتصرّف في الكون، وغير ذلك مِمَّا يتعلَّق بربوبيَّته.

وتوحيد الألوهيَّة توحيده بأفعال العباد، كالدعاء والخوف والرَّجاء والتوكُّل والاستعانة والاستعاذة والاستغاثة والذَّبح والنَّذر، وغيرها من أنواع العبادة التي يجب إفراده بها، فلا يُصرف منها شيء لغيره، ولو كان ملَكاً مقرَّباً أو نبيًّا مرسَلاً، فضلاً عمَّن سواهما.

وأمَّا توحيد الأسماء والصفات، فهو إثبات كلِّ ما أثبته لنفسه وأثبته له رسوله صلى الله عليه وسلم من الأسماء والصفات على وجه يليق بكماله وجلاله، دون تكييف أو تمثيل، ودون تحريف أو تأويل أو تعطيل، وتنزيهه عن كلِّ ما لا يليق به، كما قال الله عزَّ وجلَّ: {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ} فجمع في هذه الآية بين الإثبات والتنزيه، فالإثبات في قوله: {وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ} والتنزيه في قوله: {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ} فله سبحانه وتعالى سمع لا كالأسماع، وبصر لا كالأبصار، وهكذا يُقال في كلِّ ما ثبت لله من الأسماء والصفات.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015