فصل

إذا عرفتَ هذه الأصول فاعلم أنَّ الله تعالى جعل العبادة له أنواعاً:

اعتقادية: وهي أساسُها، وذلك أن يعتقد أنَّه الربُّ الواحد الأحدُ الذي له الخلق والأمر، وبيده النفع والضر، وأنَّه الذي لا شريك له، ولا يشفع عنده أحد إلاَّ بإذنه، وأنَّه لا معبود بحق غيره، وغير ذلك من لوازم الإلَهية.

ومنها لفظية: وهي النطق بكلمة التوحيد، فمَن اعتقد ما ذكر ولَم ينطق بها لم يحقن دمه ولا ماله، وكان كإبليس، فإنَّه يعتقد التوحيدَ، بل ويُقرُّ به كما أسلفناه عنه، إلاَّ أنَّه لم يَمتثل أمرَ الله بالسجود1 فكفر، ومَن نطق بها2 ولَم يعتقد حقن ماله ودمه وحسابه على الله، وحكمُه حكم المنافقين.

وبدنية: كالقيام والركوع والسجود في الصلاة، ومنها الصوم وأفعال الحج والطواف.

ومالية: كإخراج جزء من المال امتثالاً لِمَا أمر الله تعالى به، وأنواع الواجبات والمندوبات في الأموال والأبدان والأفعال والأقوال كثيرة، لكن هذه أمهاتها.

وإذا تقرَّرت هذه الأمور، فاعلم أنَّ الله تعالى بعث الأنبياءَ عليهم الصلاة والسلام مِن أولهم إلى آخرهم يَدعون العبادَ إلى إفراد الله تعالى بالعبادة، لاَ إلى إثبات أنَّه خَلَقَهم ونحوه، إذ هم مقرُّون بذلك، كما

طور بواسطة نورين ميديا © 2015