ولهذا لم ترد الآيات فيه ـ في الغالب ـ إلاَّ بصيغة استفهام التقرير، نحو: [35: 3] {هَلْ مِنْ خَالِقٍ غَيْرُ اللَّهِ} ؟ [16: 7] {أَفَمَنْ يَخْلُقُ كَمَنْ لا يَخْلُقُ} ؟ [14: 10] {أَفِي اللَّهِ شَكٌّ فَاطِرِ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ} ؟ [6: 14] {أَغَيْرَ اللَّهِ أَتَّخِذُ وَلِيّاً فَاطِرِ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ} ؟ [31: 11] {هَذَا خَلْقُ اللَّهِ فَأَرُونِي مَاذَا خَلَقَ الَّذِينَ مِنْ دُونِهِ} ؟ [46: 4] {أَرُونِي مَاذَا خَلَقُوا مِنَ الأَرْضِ أَمْ لَهُمْ شِرْكٌ فِي السَّمَاوَاتِ} ؟ استفهام تقرير لهم لأنهم به مقرُّون.

وبهذا تعرف أنَّ المشركين لم يتخذوا الأصنام والأوثان1 ولم يعبدوها، ولم يتخذوا المسيح وأمَّه، ولم يتخذوا الملائكة شركاءَ لله تعالى، لأجل أنَّهم أشركوهم في خلق السموات والأرض، وفي خلق أنفسهم؛ بل اتخذوهم لأنَّهم يقرِّبونهم2 إلى الله زلفى، كما قالوه، فهم مقرُّون بالله في نفس كلمات كفرهم، وأنَّهم شفعاء عند الله، قال الله تعالى: [10: 18] {وَيَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ مَا لا يَضُرُّهُمْ وَلا يَنْفَعُهُمْ وَيَقُولُونَ هَؤُلاءِ شُفَعَاؤُنَا عِنْدَ اللَّهِ قُلْ أَتُنَبِّئُونَ اللَّهَ بِمَا لا يَعْلَمُ فِي السَّمَاوَاتِ وَلا فِي الأَرْضِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ} ، فجعل الله تعالى اتِّخاذهم للشفعاء شركاً، ونزَّه نفسَه عنه؛ لأنَّه لا يشفع عنده أحدٌ إلاَّ بإذنه، فكيف يُثبتون شفعاءَ لهم لَم يأذن الله لهم في شفاعة، ولا هم أهل لها، ولا يغنون عنهم من الله شيئا؟! 3

طور بواسطة نورين ميديا © 2015