بيقين، لم يَزُل ذلك عنه بالشك، بل لا يزول إلاَّ بعد إقامة الحجة وإزالة الشبهة".
وقال أيضاً (7/619) : "والتحقيق في هذا أنَّ القول قد يكون كفراً: كمقالات الجهمية الذين قالوا: إنَّ الله لا يتكلَّم، ولا يُرى في الآخرة، ولكن قد يخفى على بعض الناس أنَّه كفر، فيطلق القول بتكفير القائل، كما قال السلف: من قال: القرآن مخلوق فهو كافر، ومن قال: إنَّ الله لا يُرى في الآخرة فهو كافر، ولا يكفر الشخص المعيَّن حتى تقوم عليه الحجة".
وقال أيضاً في الرد على البكري (ص:258 ـ 260) : "فلهذا كان أهل العلم والسنة لا يكفِّرون مَن خالفهم، وإن كان ذلك المخالف يكفِّرهم؛ لأنَّ الكفرَ حكمٌ شرعي، فليس للإنسان أن يعاقب بمثله، كمن كذب عليك وزنى بأهلك ليس لك أن تكذب عليه وتزني بأهله؛ لأنَّ الكذب والزنا حرام لحق الله تعالى، وكذلك التكفير حق لله، فلا يكفر إلاَّ من كفَّره الله ورسوله، وأيضاً فإنَّ تكفير الشخص المعيَّن وجواز قتله موقوف على أن تبلغه الحجَّة النبوية التي يكفر من خالفها، وإلاَّ فليس كلُّ من جهل شيئاً من الدِّين يكفر".
إلى أن قال: "وقد ثبت في الصحيحين حديث الذي قال لأهله: (إذا أنا متُّ فاسحقوني ثم ذروني في اليمِّ، فوالله! لئن قدر الله عليَّ ليعذِّبني عذاباً ما عذَّبه أحداً من العالمين، فأمر الله البَرَّ فردَّ ما أخذ منه، وأمر البحر فردَّ ما أخذ منه، وقال: ما حملك على ما فعلتَ؟ قال: خشيتك يا ربِّ! فغفر له) ، فهذا اعتقد أنَّه إذا فعل ذلك لا يقدر الله على إعادته، وأنَّه لا يُعيده أو جوَّز ذلك، وكلاهما كفر، لكن كان جاهلاً لم يتبيَّن له الحقُّ بياناً يكفر بمخالفته فغفر الله له".