صلى الله عليه وسلم بتوحيد الربُوبيَّة، فلَم يُدخلهم هذا الإقرارُ في الإسلام، بل قاتَلَهم النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم حتى يَعبدوا اللهَ وحده لا شريك له، ولهذا يأتي كثيراً في القرآن تقريرُ توحيد الربوبيَّة الذي أقرَّ به الكفَّارُ؛ لإلزامهم بالإقرار بتوحيد الألوهيَّة، ومن أمثلة ذلك قول الله عزَّ وجلَّ: {أَمَّنْ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ وَأَنْزَلَ لَكُمْ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَنْبَتْنَا بِهِ حَدَائِقَ ذَاتَ بَهْجَةٍ مَا كَانَ لَكُمْ أَنْ تُنْبِتُوا شَجَرَهَا أَإِلَهٌ مَعَ اللَّهِ بَلْ هُمْ قَوْمٌ يَعْدِلُونَ أَمَّنْ جَعَلَ الأَرْضَ قَرَاراً وَجَعَلَ خِلالَهَا أَنْهَاراً وَجَعَلَ لَهَا رَوَاسِيَ وَجَعَلَ بَيْنَ الْبَحْرَيْنِ حَاجِزاً أَإِلَهٌ مَعَ اللَّهِ بَلْ أَكْثَرُهُمْ لا يَعْلَمُونَ أَمَّنْ يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذَا دَعَاهُ وَيَكْشِفُ السُّوءَ وَيَجْعَلُكُمْ خُلَفَاءَ الأَرْضِ أَإِلَهٌ مَعَ اللَّهِ قَلِيلاً مَا تَذَكَّرُونَ أَمَّنْ يَهْدِيكُمْ فِي ظُلُمَاتِ الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَمَنْ يُرْسِلُ الرِّيَاحَ بُشْراً بَيْنَ يَدَيْ رَحْمَتِهِ أَإِلَهٌ مَعَ اللَّهِ تَعَالَى اللَّهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ أَمَّنْ يَبْدأُ الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ وَمَنْ يَرْزُقُكُمْ مِنَ السَّمَاءِ وَالأَرْضِ أَإِلَهٌ مَعَ اللَّهِ قُلْ هَاتُوا بُرْهَانَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ}
ففي كلِّ آية من هذه الآيات تقريرُ توحيد الربوبيَّة للإلزام بتوحيد الألوهيَّة، فيقول في كلِّ آية من هذه الآيات الخمس عقب تقرير توحيد الربوبيَّة: {أَإِلَهٌ مَعَ اللَّهِ} ، والمعنى أنَّ مَن تفرَّد بهذه الأفعال التي هي من أفعال الله وحده، يجبُ أن يُخصَّ بالعبادة وحده؛ لأنَّ مَن اختصَّ بالخلْق والإيجاد وغيرها من أفعال الله يَجب أن يُخصَّ بالعبادة وحده، وكيف يُعقل أن تكون المخلوقات التي كانت عَدَماً، وقد أوجدَها الله، كيف يُعقل أن يكون لها نصيبٌ من العبادة وهي مخلوقةٌ لله؟!
قال شيخنا الشيخ محمد الأمين الشنقيطي ـ رحمه الله ـ في كتابه أضواء البيان (3/409 ـ 414) عند قوله تعالى: {إِنَّ هَذَا الْقُرْآنَ يَهْدِي