الطوائف بالنهي عن بناء المساجد على القبور، ثم قال: "وصرَّح أصحابُ أحمد ومالك والشافعي بتحريم ذلك، وطائفةٌ أطلقت الكراهة، لكن ينبغي أن يُحمل على كراهة التحريم، إحساناً للظنِّ بهم، وأن لا يُظنَّ بهم أن يُجوِّزوا ما تواتر عن رسول الله صلى الله عليه وسلم لعنُ فاعله والنهى عنه". انتهى.

فانظر كيف حكى التصريح عن عامة الطوائف؟ وذلك يدلُّ على أنَّه إجماع من أهل العلم على اختلاف طوائفهم، ثم بعد ذلك جَعل أهلَ ثلاثة مذاهب مصرِّحين بالتحريم، وجعل طائفةً مصرِّحةً بالكراهة، وحملها على كراهة التحريم، فكيف يُقال: إنَّ بناء القباب والمشاهد على القبور لم ينكره أحد؟

ثم انظر كيف يَصحُّ استثناء أهل الفضل برفع القباب على قبورهم، وقد صحَّ عن النبي صلى الله عليه وسلم ـ كما قدَّمناه ـ أنَّه قال: "أولئك قوم إذا مات فيهم العبد الصالح أو الرجل الصالح بنوا على قبره مسجداً"، ثم لعنهم بهذا السبب.

فكيف يسوغ من مسلم أن يستثني أهلَ الفضل بفعل هذا المحرَّم الشديد على قبورهم، مع أنَّ أهل الكتاب الذين لعنهم الرسول صلى الله عليه وسلم وحذَّر الناس ما صنعوا لَم يعمروا المساجد إلاَّ على قبور صلحائهم.

ثم هذا رسول الله صلى الله عليه وسلم سيِّدُ البشر وخير الخليقة وخاتم الرسل وصفوة الله من خلقه، ينهى أمَّتَه أن يَجعلوا قبرَه مسجداً أو وثناً أو عيداً، وهو القدوة لأمَّتِه، ولأهل الفضل من القدوة به والتأسِّي بأفعاله وأقواله الحظُّ الأوفر، وهم أحقُّ الأمَّة بذلك وأولاهم به، وكيف يكون فعل1

طور بواسطة نورين ميديا © 2015