العدوان الصليبي والصهيوني والشيوعي والإلحادي.. ولكن الفارق هو أن موجة الانسلاخ من الإسلام كانت هي عنوان القرن الرابع عشر، وموجة العودة إلى الإسلام هي عنوان هذا القرن والقرون التالية بإذن الله.

إني أستبشر بمستقبل الإسلام لأمرين كبيرين.. الأمر الأول هو الذي شرحته.. قيام حركات البعث الإسلامي في كل مكان في الأرض الإسلامية.. العودة إلى الإسلام، الرغبة في تطبيق الإسلام بصفائه، بنقائه، بحيويته، بحركيته، بواقعيته. والأمر الثاني الذي يبعث الاستبشار في نفسي -لا مجرد أماني ولكن قراءة للواقع، وقراءة له على ضوء السنن الربانية.. هذا الأمر هو أن الحضارة الأوربية آخذة في الانهيار. ويتبادر إلى الذهن هذا السؤال: ما علاقة هذه البشرى أو هذا الاستبشار بانهيار الحضارة الغربية؟.. نعم: لقد كان أشد ما فتن المسلمين عن دينهم في القرن الماضي بصفة خاصة هو هذه الحضارة الغربية.. وذلك لأن قوماً من المسلمين من المسلمين أو ممن يحملون أسماء مسلمة قالوا لأنفسهم، هذه أوربا بلا دين وهي قوية ممكنة في الأرض، ونحن مسلمون ومع ذلك فنحن جهلاء، ونحن ضعاف ونحن متخلفون، فما قيمة الدين إذن؟! فلننبذه ولنصنع كما صنعت أوربا. تلك المعادلة الخاطئة غير المستبصرة كانت سبباً في فتنة الشباب المسلم في القرن الماضي.

لقد شهدوا جزءًا من سنة الله ولم يدركوا بقية السنة ولم يدركوا الحكمة لقد وجدوا أوربا الكافرة ممكنة في الأرض.. نعم.. ولكن ذلك لا يخالف سنن الله، وحاشا لشيء يقع في الأرض أو في الكون كله أن يكون مخالفاً لسنن الله.. لقد نسي أولئك الذين فتنوا بأوربا.. بل لم يتدبروا أصلاً قرآنهم الذي بين أيديهم: {أَفَلا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ أَمْ عَلَى قُلُوبٍ أَقْفَالُهَا} (محمد/24) .

يقول الله موضحاً ومبيناً ما يقع في أوربا اليوم وما وقع في أمم سلفت من الجاهليات القديمة.. يقول سبحانه وتعالى: {فَلَمَّا نَسُوا مَا ذُكِّرُوا بِهِ فَتَحْنَا عَلَيْهِمْ أَبْوَابَ كُلِّ شَيْءٍ} (الأنعام/44) . نعم: هذه هي السنة الربانية، نسيت أوربا ما ذكرت به، نسيت إلهها نسيت الآخرة، وانحصرت في الحياة الدنيا، وعلى مستوى من أحط المستويات من الحرص على الحياة الدنيا ومتاعها الرخيص. فماذا فعل الله بهم؟.. فتح عليهم أبواب كل شيء.. أبواب القوة السياسية.. أبواب العلم.. أبواب التكنولوجيا أبواب القوة الحربية.. أبواب القوة الاقتصادية.. كل أبواب القوة.. انظر إلى العبارة " {فَتَحْنَا عَلَيْهِمْ أَبْوَابَ كُلِّ شَيْءٍ} .

نعم. هذا جزء من السنة الربانية.. ولكن المتدبر لكتاب الله يعرف النهاية المحتومة لهؤلاء القوم: {فَلَمَّا نَسُوا مَا ذُكِّرُوا بِهِ فَتَحْنَا عَلَيْهِمْ أَبْوَابَ كُلِّ شَيْءٍ حَتَّى إِذَا فَرِحُوا بِمَا أُوتُوا أَخَذْنَاهُمْ بَغْتَةً فَإِذَا هُمْ مُبْلِسُونَ} (الأنعام/44) .

طور بواسطة نورين ميديا © 2015