عدوكم المهابة منكم، وليقذفن في قلوبكم الوهن، قيل وما الوهن يا رسول الله؟ قال: حب الدنيا وكراهية الموت" 1.
هذه الألف مليون من البشر التي تعمر الأرض الإسلامية غثاء كغثاء السيل، لا يقام له وزن، تقضى الأمور وهو غائب. كما كان الشاعر العربي القديم يقول عن قبيلة "تيم":
ويقضي الأمر حين تغيب تيم ... ولا يستأذنون وهم شهود
كذلك الحال مع هذا الغثاء الذي يملأ الأرض الإسلامية. ولكن يشاء الله أنه من وسط هذا الغثاء يبرز هذا الجيل الذي نستبشر به ونرجو من الله على يديه الخير، جيلٌ يرجع إلى أصول الإسلام الصحيحة من كتاب الله، وسنة رسوله، وسيرة السلف الصالح، يريد الإسلام واقعاً حقيقياً خالياً من الغبش، لا يريده شعارات. لا يريده ألفاظاً، لا يريده أفكاراً جامدة، إنما يريده واقعاً حياً مأخوذاً من النبع الصافي: من كتاب الله وسنة رسوله، ومقتدى فيه بالسلف الصالح الذي كان يعيش الإسلام حقاً، ويدرك معانيه حقاً، ويطبقه في واقع حياته حقاً. هذا هو البشير الذي نستبشر به بالنسبة للقرن الخامس عشر. وما نقول أبداً إن الظلمات قد انتهت وإن المشكلات قد ذهبت، ولا إن الأعداء قد تركوا عداءهم لهذا الدين. كيف والله تعالى هو الذي يقول: {وَلا يَزَالُونَ يُقَاتِلُونَكُمْ حَتَّى يَرُدُّوكُمْ عَنْ دِينِكُمْ إِنِ اسْتَطَاعُوا} (البقرة/217) .
إن أعداء الله الذين ذكرهم الله في كتابه المنزل، إنهم فئات أربع: اليهود، والنصارى، والمنافقون، والمشركون. هؤلاء هم أعداء "لا إله إلا الله" وهؤلاء هم الذين لم يكفوا أبداً عن عدائهم للإسلام، قال تعالى: {وَلَنْ تَرْضَى عَنْكَ الْيَهُودُ وَلا النَّصَارَى حَتَّى تَتَّبِعَ مِلَّتَهُم} (البقرة/120) . وقال عن المشركين عامة: {وَلا يَزَالُونَ يُقَاتِلُونَكُمْ حَتَّى يَرُدُّوكُمْ عَنْ دِينِكُمْ إِنِ اسْتَطَاعُوا} (البقرة/217) ، ومصداق ذلك هو الواقع الذي نعيشه، بل مصادقة الأربع عشر قرناً التي عاشها الإسلام في الأرض، ولكن هذا القرن بصفة خاصة -أقصد القرن الرابع عشر- كان مصداقاً لتلك العداوات: اليهود والنصارى في كل بلاد الأرض، المنافقون، المشركون وهم اليوم فئات كثيرة أبرزهم الشيوعيون والملحدون الذين يعادون هذا الدين عداوة لا هوادة فيها.. والذين يتحالفون مع المعسكر الغربي حين يبرز الإسلام وينسون عداوتهم معه فهم في حرب دائمة مع أوربا وأمريكا إلا حين تكون القضية قضية الإسلام فيتحالف الأمريكان والروس كما تحالفوا في تقسيم "باكستان" إلى شرقية وغربية، وكما تحالفوا في أفغانستان. ونفذها الشيوعيون كانت برضاً من المعسكر