تلزمه معهم، وأنه يعامل عند الحساب بقصده من الخير والشر. وفي حديث ابن عمر مرفوعًا: «إذا أنزل الله بقوم عذابًا، أصاب العذاب من كان فيهم، ثم بعثوا على نياتهم» .
[3] وعن عائِشةَ رضيَ اللهُ عنها قَالَتْ: قَالَ النبي - صلى الله عليه وسلم -: «لا هِجْرَةَ بَعْدَ الفَتْحِ، وَلَكِنْ جِهَادٌ وَنِيَّةٌ، وَإِذَا اسْتُنْفِرْتُمْ فانْفِرُوا» . مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.
وَمَعناهُ: لا هِجْرَةَ مِنْ مَكّةَ لأَنَّهَا صَارَتْ دَارَ إسلاَمٍ.
قال الخطَّابي وغيره: كانت الهجرة فرضًا في أول الإسلام على من أسلم؛ لقلة المسلمين بالمدينة، وحاجتهم إلى الاجتماع. فلما فتح الله مكة دخل الناس في دين الله أفواجًا، فسقط فرض الهجرة إلى المدينة، وبقي فرض الجهاد، والنية على من قام به، أو نزل به عدو.
وقال الماوردي: إذا قدر على إظهار الدين في بلد من بلاد الكفر، فالإقامة فيها أفضل من الرحلة منها؛ لما يترجى من دخول غيره في الإسلام.
قال الحافظ: كانت الحكمة في وجوب الهجرة على من أسلم ليسلم من أذى الكفار، فإنهم كانوا يعذبون من أسلم إلى أن يرجع عن دينه.
[4] وعن أبي عبدِ اللهِ جابر بن عبدِ اللهِ الأنصاريِّ رَضي اللهُ عنهما قَالَ: كُنَّا مَعَ النَّبيِّ - صلى الله عليه وسلم - في غَزَاةٍ، فَقالَ: «إِنَّ بالمدِينَةِ لَرِجَالاً ما سِرْتُمْ مَسِيراً، وَلا قَطَعْتُمْ وَادِياً، إلا كَانُوا مَعَكمْ حَبَسَهُمُ الْمَرَضُ» . وَفي روَايَة: «إلا شَرَكُوكُمْ في الأجْرِ» . رواهُ مسلمٌ.