يقال: فرد برأيه، وأفرد وفرَّد، واستفرد، بمعنى: انفرد به.
وقيل: فرد الرجل إذا تفقه واعتزل الناس، وخلا بمراعاة الأمر والنهي.
وقيل: هم الهرمى الذين هلك أقرانهم من الناس، وبقوا يذكرون الله.
قال الشارح: واللفظان وإنْ اختلفا في الصيغة، فإن كل واحد منهما في المعنى قريب من الثاني إذ المراد المستخلصون لعبادة الله المتخلون لذكره عن الناس، المعتزلون فيه، المتبتلون إليه.
[1437] وعن جابر - رضي الله عنه - قَالَ: سَمِعْتُ رسُولَ الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يقولُ: «أفْضَلُ الذِّكْرِ: لا إلهَ إِلا اللهُ» . رواه الترمذي، وقال: (حَدِيثٌ حَسَنٌ) .
لا إله إلا الله، هي أفضل ما قاله النبيون، وهي كلمة التوحيد والإخلاص. وقيل: هي اسم الله الأعظم.
[1438] وعن عبد الله بن بسر - رضي الله عنه - أنَّ رجلاً قَالَ: يَا رسولَ الله، إنَّ شَرَائِعَ الإسْلامِ قَدْ كَثُرَتْ عَليَّ، فَأَخْبِرْنِي بِشَيءٍ أَتَشَبثُ بِهِ قَالَ: «لا يَزالُ لِسَانُكَ رَطباً مِنْ ذِكْرِ الله تعالى» . رواه الترمذي، وقال: (حَدِيثٌ حَسَنٌ) .
رطوبة اللسان بالذكر، عبارة عن مداومته، وهذا الحديث موافق لقوله تعالى: {إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَاخْتِلاَفِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ لآيَاتٍ لأُوْلِي الألْبَابِ * الَّذِينَ يَذْكُرُونَ اللهَ قِيَاماً وَقُعُوداً وَعَلَىَ جُنُوبِهِمْ وَيَتَفَكَّرُونَ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ} [آل عمران (190، 191) ] .
قال الحسن: أحب عباد الله إلى الله أكثرهم له ذكرًا، وأتقاهم قلبًا.
وقيل لبعض الصالحين: ألا تستوحش وحدك؟ قال: كيف أستوحش وهو يقول: «أنا جليس من ذكرني» .