حَائِطاً لِرَجُلٍ مِنَ الأنْصَارِ، فَإذا فِيهِ جَمَلٌ، فَلَمَّا رَأى رَسولَ الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - جَرْجَرَ وذَرَفَتْ عَيْنَاهُ، فَأتَاهُ النَّبيُّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَمَسَحَ سَرَاتَهُ - أيْ: سِنَامَهُ - وَذِفْرَاهُ فَسَكَنَ، فَقَالَ: «مَنْ رَبُّ هَذَا الجَمَلِ؟ لِمَنْ هَذَا الجَمَلُ؟» فَجَاءَ فَتَىً مِنَ الأنْصَارِ، فَقَالَ: هَذَا لِي يَا رسولَ الله. فَقَالَ: «أفَلا تَتَّقِي اللهَ في هذِهِ البَهِيمَةِ الَّتي مَلَّكَكَ اللهُ إيَّاهَا؟ فَإنَّهُ يَشْكُو إلَيَّ أنَّكَ تُجِيعُهُ وتُدْئِبُهُ» . رواه أَبُو داود كرواية البرقاني.
قَوْله «ذِفْرَاهُ» : هُوَ بكسر الذال المعجمة وإسكان الفاءِ، وَهُوَ لفظ مفرد مؤنث. قَالَ أهل اللغة: الذِّفْرى: الموضع الَّذِي يَعْرَقُ مِن البَعِيرِ خَلف الأُذُنِ، وَقوله: «تُدْئِبهُ» أيْ: تتعِبه.
في هذا الحديث: معجزة من معجزات النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - الدالة على صدقة.
وفيه: تواضعه - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وكمال شفقته، ومزيد رحمته.
وفيه: جواز قولهم: رب هذا الجمل، ورب الإبل، يعني مالكها.
وفي رواية لأحمد: فقال النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «انظر لمن هذا الجمل» . قال: فخرجت ألتمس صاحبه، فوجدته لرجل من الأنصار فدعوته له. فقال: «ما شأن جملك هذا» ؟ فقال: ما شأنه لا أدري، والله ما شأنه عملنا عليه ونضحنا عليه حتى عجز عن السقاية فائتمرنا البارحة أن ننحره، ونقسم لحمه. قال: «فلا تفعل» .
قوله: «أفلا تتق الله في هذه البهيمة التي ملكك الله إياها، فإنه يشكوا إليَّ أنك تجيعه وتدئبه» .
وفي رواية لأحمد: «شاكيًا كثرة العمل، وقلة العلف» .
قال الأزهري: البهيمة في اللغة معناها المبهمة عن العقل، والتمييز.