الحنث: الحلم، وعبر بالحنث عن البلوغ، لأن الإنسان يؤاخذ بما يرتكبه فيه، وخص الصغير بذلك، لأن الشفقة عليه أعظم، والحب له أشد، والرحمة له أكثر، فإن البالغ يتصور منه العقوق المقتضي لعدم الرحمة، وإن كان في فقد الولد أجر في الجملة.
[953] وعن أَبي هريرة - رضي الله عنه - قال: قَالَ رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «لا يَمُوتُ لأَحَدٍ مِنَ المُسْلِمينَ ثَلاَثَةٌ مِنَ الوَلَدِ لا تَمسُّهُ النَّارُ إِلا تَحِلَّةَ القَسَمِ» . متفقٌ ... عَلَيْهِِ.
وَ «تَحِلَّةُ القَسَمِ» قول الله تَعَالَى: {وَإنْ مِنْكُمْ إِلا وَارِدُهَا} وَالوُرُودُ: هُوَ العُبُورُ عَلَى الصِّرَاطِ، وَهُوَ جِسْرٌ مَنْصُوبٌ عَلَى ظَهْرِ جَهَنَّمَ، عَافَانَا اللهُ مِنْهَا.
قال الخطابي: معناه لا يدخل النار ليعاقب بها، ولكنه يدخل مجتازًا، ويكون ذلك الجواز بقدر ما يحلل به الرجل يمينه.
وفي رواية عند الطبراني: «من مات له ثلاثة من الولد لم يبلغوا الحنث لم يرد النار إلا عابر سبيل» . يعني الجواز على الصراط.
[954] وعن أَبي سعيد الخدري - رضي الله عنه - قَالَ: جَاءتِ امْرأةٌ إِلَى رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَقَالَتْ: يَا رسولَ الله، ذَهبَ الرِّجَالُ بِحَدِيثكَ، فَاجْعَلْ لَنَا مِنْ نَفْسِكَ يَوْماً نَأتِيكَ فِيهِ تُعَلِّمُنَا مِمَّا عَلَّمَكَ اللهُ، قَالَ: «اجْتَمِعْنَ يَوْمَ كَذَا وَكَذَا» فَاجْتَمَعْنَ، فَأَتَاهُنَّ النبيُّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَعَلَّمَهُنَّ مِمَّا عَلَّمَهُ اللهُ، ثُمَّ قَالَ: «مَا مِنْكُنَّ مِنِ امْرَأةٍ تُقَدِّمُ ثَلاَثَةً مِنَ الوَلَدِ إِلا كَانُوا لَهَا