وأُلْبستم شيعاً، وذاق بعضكم بأس بعض، فكل امرئ ونفسَه، فعند ذلك جاء تأويل هذه الآية.
وأخرج ابن جرير عن جبير بن نفير قال: كنت في حلقة فيها أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم، وإني لأصغر القوم، فتذاكروا الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر. فقلت: أليس الله يقول: {عَلَيْكُمْ أَنْفُسَكُمْ}، فأقبلوا عليَّ بلسانٍ واحدٍ، فقالوا: أتنزع آية من كتاب الله لا تعرفها ولا تدري ما تأويلها؟ حتى تمنيت أني لم أكن تكلمت، ثم أقبلوا يتحدثون. فلما حضر قيامهم قالوا: إنك غلام حَدَث السن، وإنك نزعت آية لا تدري ما هي. وعسى أن تدرك ذلك الزمان: إذا رأيت شحاً ومطاعاً، وهوًى متبعاً، وإعجاب كل ذي رأي برأيه، فعليك بنفسك، لا يضرك من ضلَّ إذا اهتديت.
وأخرج ابن مردويه عن أبي بكر الصدّيق قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: " ما ترك قؤمٌ الجهاد في سبيل الله إلا ضربهم الله بذل، ولا أقرَّ قوم المنكر بين أظهرهم إلا عمَّهم الله بعقاب، وما بينكم وبين أن يعمكم الله بعقاب من عنده، إلا أن تَأَوّلوا هذه الآية، على غير أمر بمعروف ولا نهي عن منكر: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا عَلَيْكُمْ أَنْفُسَكُمْ لا يَضُرُّكُمْ مَنْ ضَلَّ إِذَا اهْتَدَيْتُمْ}.
وأخرج ابن مردويه عن معاذ بن جبل أنه قال:
يا رسول الله: أخبرني عن قول الله عز وجل: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا عَلَيْكُمْ أَنْفُسَكُمْ لا يَضُرُّكُمْ مَنْ ضَلَّ إِذَا اهْتَدَيْتُمْ}، قال: يا معاذ: " مروا بالمعروف وتناهوا عن المنكر، فإذا رأيتم شحاً مطاعاً، وهوًى متبعاً، وإعجاب كل امرئ برأيه، فعَلَيْكُمْ أَنْفُسَكُمْ لا يضركم ضلالة غيركم، فإن من ورائكم أيام صبر، المتمسك فيها بدينه مثل القابض على الجمر، للعامل منهم يومئذ