فهذه عائشة رضي الله عنها تصحح لمسروق رأيه وتصوب له فهمه من الآيات، وتقرر أن الرسول عليه السلام لم ير ربه ليلة المعراج، وتُقدِّم آياتٍ تستنبط منها هذا الرأي. وتبين لمسروق المعنى الحقيقي للآيات التي فهم منها عكس ما قرَّرته عائشة.
ونحن مع عائشة - رضي الله عنها - في هذه المسألة تماماً، لأن هذا ما توحي به النصوص القرآنية والحديثية.
ومما يقوّي أدلة عائشة، ويجعل رأيها هو الراجح، ما رواه مسلم والترمذي عن أبي ذر الغفاري رضي الله عنه قال: سألتُ رسول الله صلى الله عليه وسلم: هل رأيت ربَّك؟ قال: نورٌ أَنَّى أراه.
وعلى هذا الرأي ابن مسعود رضي الله عنه: فقد روى البخاري ومسلم والترمذي عنه في قوله تعالى: {فَكانَ قابَ قَوْسَيْنِ أَوْ أَدْنى}، وفي قوله: {ما كَذَبَ الفُؤادُ ما رَأى}، وقوله: {لَقَدْ رَأى مِنْ آياتِ رَبِّهِ الكُبْرَى}، قال فيها كلها: رأى جبريل عليه السلام، له ستمائة جناح.
وبهذا يقول أبو هريرة رضي الله عنه: حيث روى عنه مسلم في قوله تعالى: {وَلَقَدْ رَآهُ نَزْلَةً أُخْرى}. قال: رأى جبريل عليه السلام.
أما ابن عباس رضي الله عنهما، فقد كان له رأي آخر، يخالف عائشة وابن مسعود وأبا هريرة.
فقد روى عنه مسلم والترمذي في قوله تعالى: {ما كَذَبَ الفُؤادُ ما رَأى}، وفي قوله: {لَقَدْ رَأى مِنْ آياتِ رَبهِ الكُبْرى} قوله رآه بفؤاده مرتين.