ورائدهم، وإن له مهمةً عمليةً حركيةً واقعيةً في حياة المسلمين، وهو قادرٌ بإذن الله على أدائها وتحقيقها، إذا أقبل المسلمون عليه بصدقٍ وجدِّيةٍ وعزيمة، وتربوا عليه بإخلاصٍ ومجاهدة، وتحركوا به بثباتٍ ووعي، وجاهدوا الجاهلية به بجرأةٍ وشجاعة، لقد أقبل الصحابة الكرام عليه هذا الإقبال، فأدَّى مهمته خير أداء.

وآيات القرآن الكريم تعرض حقائق منوعة، وتقرر بدهيات مختلفة، وتقدم مفاهيم قرآنية أصيلة صادقة. ما أكثر المفاهيم القرآنية التي تقدمها الآيات، وما أصدقها وأوفاها وأشملها وأعظمها.

وقد ظهرت في هذا الزمان ظواهر غريبةٌ في حياة المسلمين وبلادهم، حيث انتشر الجهل في طبقاتٍ من المسلمين، وهو عميقٌ مُطْبِقٌ مركب، الجهل بالإسلام وتشريعاته، وبالقرآن ومفاهيمه ومبادئه وحقائقه. كثيرٌ من المسلمين يجهلون معاني آيات القرآن ولا يعرفون الدلالات الصائبة التي تؤخذ منها، فإذا فسرْتَ لهم آية أو آيات، وعرضتَ عليهم مفاهيمها ودلالاتها استغربوا مما يسمعون، وانقسموا ما بين مصدقٍ وهو مصفق، ومكذبٍ وهو معرض.

ويا ليت بعض هؤلاء اكتفوا بعدم معرفتهم بمعاني الآيات، وطلبوا تفسيرها بهمَّةٍ وموضوعيةٍ وأصالة، إذن لاستفادوا وأفادوا. لكنهم حملوا جهلهم بالقرآن ومفاهيمه، واتجهوا صوب آياته، يفسرونها على أمزجتهم وأهوائهم وميولهم وثقافاتهم. فجاء تفسيرهم لها وعَرْضهم لمفاهيمها وبيانهم لمعانيها، ثمرة جهلهم المركب، ومزاجيتهم المرفوضة.

كم سمعنا، وقرأنا، ونُقل لنا، من كلام هؤلاء حول الآيات، وتحريفهم لمعانيها، وتغييرهم لمفاهيمها، واستنتاجهم الباطل منها.

ولقد ساءنا - عَلِمَ الله - هذا التهجم على كتاب الله، والقول فيه بدون

طور بواسطة نورين ميديا © 2015